من (الزين اللي فيك) إلى منع النقاب.

الإرهاب الذي ندّعي مقاومته لا يصنعه أحد سوانا. الأجهزة الفكرية التي غامرت في تبجح بعرض إباحي (الزين اللي فيك) ومن قبله (عصفورالسطح) هي مصنع الإرهاب الثقافي والعنف الفني (الرمزي) حتى لو تدثرت بالإبداع والتجديد وهي المسؤولة على صناعة الإرهاب المادي الذي حصد منّا عشرات في غضون سنوات معدودات من شكري بلعيد ومحمد البراهمي حتى شهداء الأمن الرئاسي.

الإرهاب فكرة تتغذى من حقول مختلفة. الإرهاب ليس صدفة عمياء بل هو صنيعة إرهاب مثله. تونس ـ كغيرها ـ ضحية إرهاب فكري تصنعه المدرسة الغربية الوافدة والمتنفذة فيكون رد الفعل إرهابا ماديا تصنعه المدرسة السلفية المغشوشة وهي بدورها وافدة. وبين الإرهابين اللذين يختلفان في المرجعية الفكرية ويلتقيان في النتيجة تحبس الأنفاس وراء مشهد إعلامي بئيس تعيس يذكي المشهد الإرهابي بل يصب على ناره المستعرة زيتا.

هذا المشهد الإرهابي بركنيه لا يزيدني إلا إصرارا على مقاومة كل إتجاه يرمي إلى تقييد الحريات بكل صورها ومعانيها.عزائي لمن إختنق بهامش من الحرية جادت به الثورة التي عوجلت أن تمأسس أهدافها فهي تسير في حقل مفروش بالألغام. لست من أنصار النقاب لا دينا ولا عرفا ولكن بقدر ما تشتد الدعوة إلى منعه في خضم التبرج بعرض الإباحية البهيمية المقرفة يشتد ثباتي على مقاومة منعه فهو حرية شخصية يستوي بالضرورة مع الحرية الشخصية الداعية إلى تلك الإباحية. الحرية قيمة لا تتجزأ.

الإرهاب نحن صناعه صناعة فكرية تقاوم بصناعة مادية وتكون الضحية : تونس بهويتها وثورتها وتجربتها الديمقراطية الوليدة. كان يمكن لأنصار الإباحية أن يترفقوا بالتجربة الهشة فلا يحمّلوها إستيراد ما كبر على جيراننا إستيراده وهم في حال إستقرار أمتن من حالنا. الحرية والمسؤولية وجهان لقيمة أخلاقية واحدة. فإما معالجة جامعة لا مبتسرة مجتزأة وطويلة الأمد تبدأ من الأسرة والمسجد وتنتهي بالمشهد العام في كل تضاريسه مرورا بالبيئات الوسيطة الحاضنة لتجفيف منابع الإرهاب الإباحية والمتشددة معا في رسالة وطنية تكافلية مخلصة وصبورة .. أما مآقينا فقد جفت من دموع التماسيح.
الهادي بريك ـ تونس

 

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *