نحن في اردإ وضع كما أظن منذ الانقلاب الاموي ضد شرعية الخلافة الراشدة سوى أننا نغالط أنفسنا بزمن الصحوة وقليل من يعيد قراءة تاريخنا الذي أعتبره أسود كالحا في القضية الأم للأمة أي أمرها السياسي ومؤسستها الحاكمة فان وجدتم أن القرآن يقدّم قضية عليها فإني أسحب كلامي معتذرا وقليل كذلك من يشرح واقعنا فإما سياسي يبيع الوهم والوعد وإما خطيب يفرّ بنا إلى الماضي أو مفكر يوهمنا أن مشكلتنا هي امرأة عارية.
تاريخنا ليس مفترى عليه بل هو انقلاب متواصل ضد الشرعية الشعبية
أ- في البدء كان أول انقلاب ضد إرادة الأمة بدعوى تقديم ملك عضوض يضمن الوحدة والأمن على سبط نبوي حكمه أعدل ولكن منافسه أشرس.
ب- ثم كان الإنقلاب ضد وحدانية المؤسسة السياسية الضّامنة بسيفها وليس بعدلها لوحدة الأمة إذ ما إن تقهقر حكم المماليك حتى ظهرت في الغرب خاصة دول بعضها يدّعي المهديّة ثم العصمة السياسية أصلا لتعدم كل امكانية للتغيير باسم الدين نفسه الذي يتركب من سورة سماها الشورى.
ج- ثم حان أوان الانقلاب ضد قيمة الأمة الواحدة أصلا بل ضد مشروعية التشريع الإسلامي نفسه وحلّ الإنقسام قانونا أمميا وبنيت تضاريس النظام الدولي على ذلك الأساس وأصبح البديل الغربي بشتى عناوينه مؤسسة حاكمة وموجهة ثم حورب الإسلام نفسه في كل أرجاء الوطن بين عزل سياسي و سخرية من تعاليمه.
د- فلما سلمنا للغرب بالكلية ونشأت صحوة متلهفة لاستخلاص السلطة قبل اشتداد العود زحفت “الدبابات الوطنية” بتوكيل غربي فكانت البداية مع الجزائر قبل عقدين ونصف وكانت النهاية مع مصر قبل سنوات ثلاث وفي الأثناء فرض للتطبيع مع العدو المحتل ومنع لأي محاولة نووية إسلامية باكستان مثالا ولأي محاولة نهضة اقتصادية مستقلة تركيا مثالا ولأي محاولة سياسية تحدّ ولو قليلا من قهر الحاكم العربي والثورات العربية الأخيرة مثالا.
فبالخلاصة اذن: لا افتراء علينا بل نحن المفترون ضد أنفسنا في مسار انقلابي ضد كل شرعية شعبية قديما بدعوى الوحدة قبل الحرية وحديثا بدعوى الأمن قبل الحريّة ،والحرية هي الضحية دوما
من المسؤول عن مسار انقلابي قديم جديد؟
أ- نحن أولا وقبل كل شيء أي الأمة التي قبِلنا بتحويلها إلى كيانات متناحرة فسهل الهوان علينا. يجب أن نقرّ أولا خطوة صحيحة في اتجاه الحل أن قيمة الجماعة فينا ضمرت ضمورا أقرب إلى الموت.
ب- جيش العلماء ومن في حكمهم نسبة الى الدين والفقه والدعوة من رسميين ومتطوعين وهو جيش فعلا عددا وعدة معرفية ولكنه جيش منقسم يؤثر أكثره السلامة والدعة،لك أن تقول إن مسؤولية هذا الجيش تفصيلا لمسؤولية الأمة هي المسؤولية العظمى لأنهم مستودع كلمة الدين بما استحفظوا من علم.
في الحالة المصرية مثلا أليس دليلا كافيا على أن وضعنا هو الأردأ منذ وجدنا أن أساطين الفقه تبوؤوا قيادة خذلان الشرعية الشعبية التي هي شرعية دينية بالتعاليم الإسلامية انتصارا لسفاح طاعن في السفاحة لم يكن يتأخر عن قتل المعتصمين سلميا بالآلاف في سويعات معدودات كمن يقتل ذبابا في قاعة مغلقة.
ج– سحرة الإعلام الذين قلبوا الحقائق ولفّقوا المسرحيات وعجزوا أن يكونوا عشر معشار ما كان عليه سحرة فرعون الذين كانوا أوفياء لصنعتهم فما إن أدركوا أن الأمر لا علاقة له بالسحر حفظوا حياءهم أن يمرغوه في دنس الصفاقة.
محرقة رابعة والدرس الأعظم
صنعت لنفسها رمزا دوليا للمقاومة وهو رمز الأنامل الأربع الذي يوحد صفوف المقاومين ولو بقلوبهم في الأرض جميعا وهو رأسمال معنوي يحتفظ بحق الإختراع ويغيظ مسعري المحرقة ومسانديها ولو بقلوبهم.
كما منحتنا ميزانا عادلا نميّز به بين الأحرار والرقيق في صف العلماء والدعاة كما في صف الإعلاميين وكفى رابعة رمزا عالميّا للمقاومة بدل علامة حرف الفي(V )أول حروف كلمة النصر بالفرنسية وكفى رابعة شرفا وخلودا أنها علمتنا أن المظاهر كذابة خداعة وأن الكلام والمتحدث مثلها حتى ينحاز إلى الشرعية ضدّ القهر فنأخذ عنه ديننا والخبر أو ينحاز إلى السّفاحين فنحثو التراب في وجهه حتى لو كان في مقام سلطان العلماء العزّ قديما أو في مقام فقيه العصر والمقاومة الإمام القرضاوي إلاّ من خنس منهم خوفا على نفسه فلم يبع دينه بدنيا السفاح السيسي فهو جدير باحترامنا وحسابه على ربه.
وأملنا في ربّ الإنسان أولا وفي الإنسان الحرّ ثانيا أن يحترق السفاح السيسي ومعه كهنة المعبد الدّيني والإعلامي معا بالنار التي أحرق بها الأبرياء العزّل وإن غدا لناظره قريب.