كلما تقدمت تجربتنا خطوة في الاتجاه الصحيح داهمتها دابرات الاستئصال . بادر النظام القديم منذ اليوم الاول للثورة الى استخدام الفصل الدستوري الخطا ليعتلي رموزه المشهد وليكون الجلاد ” القلال ” وشاهد الزُّور ” المبزع ” سما يبتلعه التونسيون في دسم . ولولا ” القصبة 1+2″ لحصدت الثورة ودماء شهدائها لم تجف بعد. ثم بدا لهم ان يرعوا التجربة تحت سقف توافقي تكون فيه الغلبة لرموز النظام القديم وجيء بالسبسي وتواضع الجميع على إلغاء الشرعية الانتخابية لصالح ديمقراطية واقعية فرض عليها خيار استبعاد العزل السياسي ومصالحة لا تسبقها محاسبة وانطلقت قوى الاستئصال في حرب ضارية تعويقا لحكومة الترويكا المنتخبة وتعرضت التجربة الى محاولات انقلابية جادة وظف لها اتحاد الشغل وفعاليات الارهاب وأصبح مطلب المواطن هو الامن وليس الحرية والتقطت بعض دول الخليج الفرصة المتاحة فلم تبخل على بعضنا بما يلزم من اموال ودعم.
بادر رييس الدولة بتحريك الملف الضاغط على شريكه فولدت لجنة الحريات ولما اضطر الى التوقيع على مرسوم المحليات والتهمت ” النهضة ” منفردة كل البلديات ترشحا وأظهرت مدنية وتحضُّرا لا عهد للأحزاب بهما وأصبحنا على مرمى بصر من ءاخر استحقاق دستوري يحمي التجربة غلت القدور باهلها وأثير ملف الارث من جديد . وفِي الاثناء حمى اشاعات حول انقلاب يقوده وزير الداخلية براهم بدعم ملكي سعودي مباشر ومستعلن وتزامن ذلك مع بلوغ الضيق حده من هيئة الحقيقة والكرامة وهي تلتقط من خزانتنا وثيقة عمرها ستة عقود عنوانها ان بلادنا مستعمرة فرنسية اقتصاديا ولم تبخل المحكمة الادارية في هذا المناخ المتلبد بسحب الريب بإلغاء احكام جائرة لعقود خلت اعدم فيها من اعدم ونفي فيها من نفي وسجن فيها من سجن .
معركتنا ليست دينية ولا حتى فكرية او ثقافية وليس ذلك لدونية تلك المعركة ولكن لان خصوم الديمقراطية التي فتحت امام المقهورين سبل الاصلاح يحاولون صرفنا عن قضيتنا الحقيقية وقد تبين لهم انهم فيها جياد خاسرة .
نحن واعون ان حركتهم التي ترفع عنوان الارث لا شان لها بالإرث انما هي شجرة زقوم تخفي محاولة انقلابية جديدة تعوق موعد السادس من مايو وتمهد لما يصبو اليه أولياء نعمتهم في الخليج .
اذناب الفكر الغربي هوءلاء وعبيد المال الخليجي واكفر خلق الله بالحرية والديمقراطية اشد ياسا منكم ان يعتنق التونسيون العلمانية وقد شهدوا كيف باءت البورقيبية بالخيبة لما أقامت مشروعها على نقض الاسلام . الم يتحالفوا مع السفاح المخلوع بن علي على سلخ التونسيين بالعصا عن دينهم فيما عرف بخطة تجفيف المنابع؟
من تجففت عروقه : بورقيبة ام الاسلام؟
من رحل غير مأسوف عليه : بن علي ام المجتمع ؟
الغيرة على حدود الله – والإرث من حدود الله – طوية طيبة وشعور محمود.
وعندما يتحول ذلك الى معركة في الشارع ردفعل على إثارات استفزازية من شرذمة من اللقطاء لا رصيد لهم في العمق الشعبي الراسخ فاني اخشى علينا ان يتسلل الينا داء وبيل عنوانه : الخوف على الاسلام .
خلاصتان :
١- معركتنا واحدة اسمها تحصين التجربة الديمقراطية وما عداها زوابع رملية تخفي انقلابا ضد ثورتنا.
٢- العلمانية التونسية في حالة احتضار حتى وهي تعتصم بمفاتيح مهمة في الدولة العميقة فلا تصدنكم عن ام معارككم وتنزلق بكم الى مربع الجدل الفارغ.