ورود فواحة من حدائق القرءان(16): المبالغة في اعتزال الشر شر. والمغالاة في اجتناب الفتنة فتنة.

لما شدد القرءان في حقوق اليتامى تشديدا غليظا خشي الصحابة على انفسهم ان يقعوا فيه فقرروا تجنب الاختلاط بالأيتام حتى على الخوان ( المايدة ) وذلك لفرط تأثرهم بذلك التشديد وتحريهم الحق فكره الله منهم ذلك وانزل قوله ( يسألونك عن اليتامى؟ قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لاعنتكم).

ما المعنى وما القياس ؟

المعنى هو ان الله عندما يحرم شيئا او يغلظ فيه ويشدد فليس معنى ذلك تعطيل المصالح والتطرف الى درجة العزلة باسم التقوى انما المقصود الجمع بين الاختلاط وبين كبح جماح النفس ان تقع في الشهوات المحرمة. وبين ان العبرة بالقلب والنية ( والله يعلم المفسد من المصلح ) ولا يكون الإفساد بقربان الشر لإصلاحه ولا يكون الاصلاح بهجرانه باسم الورع. فلا تعنتوا انفسكم حرجا ومشقة وعزلة وإذهابا لمصالح كثيرة اذ تخالطون ولو شاء هو سبحانه لنهاكم عن المخالطة وفرض عليكم مجتمعين : هذا للأيتام وذاك لغيرهم وذلك للرجال والاخر للنساء. اراد ان يعلمنا ان الموءمن الحق هو من يخالط الشر واهل الشر وتخوم الشر وحدود الباطل ولا يقع فيه اما من يعتزل كل ذلك فانه اغلق اي امكانية لاختباره وركل نعمة الابتلاء وصنف نفسه مع من رفع عنهم القلم. فهل يوءجر من رفض دخول قاعة الامتحان بحجة انه يخاف الاسيلة الصعبة او انه يخفق؟

من الأقيسة :

١- مخالطة النساء : ما امرت المراة بالخمار وليس بالحجاب ولا بالنقاب الا لتخالط وتختلط اذ الخمار اذن بالخروج والمخالطة والا لاختمرت حتى وهي بيتها او مع محارمها.

٢- مخالطة المفسدين : وهنا تغنينا قصة يوسف وزير المالية في دولة راينا سلوك السيدة الاولى فيها.

الخلاصة :

الايمان مشروط بالابتلاء فمن خالط اهل الشر ومن يمكن ان يجر بهم الى الشر فهو المرشح لخوض امتحان الايمان وهو فايز ان شاء الله بالنقاط ولا فوز بالضربة القاضية الا لمعتزل ولكنها ضربة قاضية فيه وفِي دينه.

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *