يوسف الصديق : طعم جاهز وشهي على طبق إستئصالي

لم يعد خافيا البتة أن المغدورين : شكري وبلعيد ومحمد البراهمي لم يكونا سوى كبشي فداء تكافلت على دمائهما حثالات إستئصالية يسارية وغربية بمدية سلفية للإطاحة بالعدو الفكري والخصم السياسي الذي أفرزته أول إنتخابات بعد الثورة في تونس أي : النهضة التي تقود الترويكا. لن ننتظر أحكاما بالسجن ضد هذا أو ذاك لنختبر تلك الحقيقة التي هي مرة ولكنها ثمرة قانون التدافع عندما تشتبك به أيد لا تؤمن بالتدافع بل بالصراع الطبقي ودكتاتورية البروليتاريا. سلفيتان خبيثتان تعبثان بقيمنا الحضارية وأمننا : السلفية الدينية الإسلامية التي بيدها مديات التنفيذ بالإعدام ضد الهرطقة الدينية والسياسية معا والسلفية الحداثية الغربية العوراء التي بيدها خيوط تصريف إدارتنا.

إخوة يوسف كانوا أرحم وأحصف

إذ قبلوا برأي أوسط وأعدل في ظل التجاذبات الخانقة وأقروا حكمة أخيهم إذ قال لهم : لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب .. قبلوا ولو على مضض بالموازنات فلم يرتكبوا الحماقة التي لا خلاص بعدها فلم يعدموا أخاهم حسدا على قربه من مركز السلطة أي أبيهم ولكن نفوه في جب . ومن لا يقتل تدبر له أقدار المدبر الأعظم سبحانه مخرجا لتخرج الحقيقة معه ولو بعد عقود طويلة كما حدث مع يوسف الصديق عليه السلام. إخوة يوسف الإسرائيلي الغربي الحداثي المعاصر ـ إستئصاليو تونس ـ ذهبوا إلى أبعد حد وحطموا كل امكانية ليظل المغدوران ـ أو أحدهما ـ على قيد الحياة : بلعيد أو لبراهمي .. عسى أن تتبدل الموازين وتخرج النهضة من السلطة وتندحر الترويكا ويبتعدان كلاهما عن السلطة التي أوغرت صدور إخوة يوسف بمثل ما أوغرت صدور إستئصاليي تونس فأقدم كلاهما على المحظور الذي لا توبة بعده ولا رجوع بعده وهل بعد الموت والإعدام من توبة أو ثوبة؟ كان يمكن لهم أن يضعوا هذين المغدورين أو أحدهما في جب والجباب كثيرة ولكنهم تقحموا الحماقة العظمى … هو العمى الإيديولوجي الذي تبين أنه أشد سوادا من عمى الحسد

يوسف الصديق طعم جاهز وشهي يذهب بالموعد الإنتخابي المحلي

تلك هي الخطة ولا تحتاج لذكاء شديد إذ أفلحت في مرحلتها الأولى فكان إعدام المغدورين الأوليين : بلعيد ولبراهمي كفيلا بدحر النهضة عن السلطة فما المانع من مواصلة الحماقة الحداثية؟ المغدور المفترض الجديد هو الدكتور يوسف الصديق الذي يسحب من فضائية لأخرى بحميم لا يهدأ عسى أن يلتقط السلفيون الفرصة فيجهزوا عليه . وكيف لا وهم حماة الدين والحريصون على الإسلام والطعم الشهي الجديد يحطم كل الحدود بقوله أن القرآن أسطورة والنبوة خرافة وغير ذلك مما لا يأبه له العاقل الحصيف الرشيد لو كان في فؤاده مثقال حبة خردل من ذكاء لأن الحديث مع المعتوهين عته ولأن المسيس وعيا أو ممارسة يدرك لأول وهلة أن الرجل بوق وهو لا يشعر بل قربان في أيدي قتلة بلعيد والبراهمي ليكون هذه المرة حائلا بين النهضة وبين الإنتخابات المحلية .. هو المنطق البورقيبي وهو منطق المخلوع بن علي : أنا وليكن بعدي الطوفان .. أنا هو الدولة .. هذا الخصم الفكري الذي دحرني من المعهد ثم من الكلية ثم من اللجنة الثقافية ثم من الإنتخابات التشريعية حتى وهي مزورة ثم إستثمر الثورة وتأخرت أنا .. هذا العدو الإيديولوجي الذي رقى السلطة وعمره نصف عمري .. أبدا لن يظل في السلطة حتى لو قتلت رمزا من رموزي لأرميه به بمثل ما رمى إخوة يوسف الذئب بدم أخيهم .. هذه الثورة التي جاءت بالنهضة لا بد لها أن تستأصل وليكن الطوفان ..

ومع كل فجر جديد يهب المرء أول ما يهب إلى الأنباء

يتفقد المرء حال قيامة من نومه موضع الأنباء ويتنفس الصعداء إذ لم يتلقط السلفيون الحمقى الطعم الحداثي الجديد الشهي وهو يقدم لهم على طبق من ورد بأيدي الإستئصاليين ويطمئن يوما آخر جديدا على أن الإنتخابات المحلية في مكانها إن شاء الله . هب أن النهضة ستخسر الإنتخابات. وليكن .. المهم أن يستكمل المسار الديمقراطي حلقاته.. كلام فارغ لا تسمعه الآذان الإستئصالية التي لم تع بعد ولن تعي على الأقرب أن التاريخ تبدل وأن الناس تغيروا وأن تونس بورقيبة تلفظ أنفاسها وأن تونس المخلوع ثائرة ضد المخلوع وأن النهضة زائلة دون ريب ولكن الأغلى منها ومن كل شيء إنما هي تونس : تلك الشجرة المباركة فلا هي شرقية تابعة لوهابية قذرة ولا هي غربية خانعة لبرج إيفيل .. إنما هي تجربة عربية إسلامية تقودها الزيتونة الإصلاحية فلما أجهز على الزيتونة جاءت الثورة وحتى لو دحروا الثورة ولن يدحروا سوى هم فإن الرحم التونسي لن يعجزه بإذن الله سبحانه أن يلد ما هو أعجب من الثورة لتتخلص تونس من الإكراه وليتحقق النداء الرحماني : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.,..

يوسف الصديق : لا أخالفك بل أشفق عليك والله

عسير جدا أن يصدقني أحد بهذا الكلام وحسبي أن الله مصدقي. لا أخالف يوسف الصديق في كلامه ودعواه لأنه لا يحمل حجة يمكن تحريرها والحوار حولها ومن ثم دحضها ولم يكن الإلحاد يوما دينا حتى يناقش ويحاور ولو كان يهويا أو نصرانيا أو حتى شيوعيا كما عرفنا وعالجنا في السبعينات. ولكن الرجل موتور لا يصدق نفسه فكيف يصدقه غيره. لذلك لا أخالفه ولكني أشفق عليه والله رب العالمين. أشفق عليه في هذه السن المتقدمة وأشفق عليه أن تناله المدية السلفية بتخطيط إستئصالي. لا أريد أن يكون لنا مغدور ثالث في تونس بعد بلعيد ولبراهمي والله. ولو إستطعت حمايتك لفعلت والله حتى وأنت تقول أن القرآن أسطورة والنبوة خرافة .. أحميك لأجل إنقاذ تونس وإستكمال حلقات الديمقراطية وتثبيت الزيتونة والثورة معا وهما معا وتدا تونس اللذان يشدانها شدا.. هي موازنة : هل أقتل هذا الرجل لأنه كذا وكذا أو أعين على قتله أو لا أحميه لو تعرض للقتل أم أدعه ووعثاءه الفكرية يهذي بما يريد وعلمتني الحياة أن الإسلام لا يخاف عليه بل يخاف المرء على نفسه أي مكان له منه وذلك حتى لا يرتد المسار الديمقراطي .. أنا من الذين يعملون على حماية حق الرجل في هذيانه وحماية حقه في الحياة والوجود إذ لن يضار بذلك الدين ولا أي تونسي إلا أذى يجب على التونسي أن يحتمله والمصلحة المعتبرة الراجحة هي : خلاص الديمقراطية من أعدائها

حفظ الله تونس ..
وحفظ الله حياة الدكتور يوسف الصديق ..
وهدى الله الإستئصاليين إلى جب يؤوى إليه يوسف الصديق بدل تقديمه قربانا ..
الهادي بريك ـ ألمانيا
brikhedi@yahoo.de

 

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *