ليس هذا زمن الاختلاف المفرق للصف .
ليس هناك – فيما أزعم – على ظهرها احب مني لدقة الهويات والكفر بالازدواجيات ولكن سبق في علمه سبحانه ان نعيش في زمن الضعف والضعيف يحمي نفسه بتجميع أطرافه . مرحلتنا مرحلة انتقال داخلي وخارجي . انتقال داخلي من الحركة الجامعة الى الحزب السياسي ولا تنجح النقلات الا بالصبر على عامل الزمن لان السلوك تقوده ثقافة والثقافة غذاء روحي يهضم ثم يبث مفعولاته. وانتقال خارجي من الاستبداد الى الديمقراطية وهي نقلة عسيرة سيما اذا جاءت بها ثورة وتحتاج المكبوتات المتراكمة الى اجيال تتشرب الحريات تشربا متدرجا. نطمح كلنا الى نحت صورة اوفى تترجم النقلة السياسية داخليا ولكن المثال لا وجود له في الدنيا النسبية فاذا ترجحت صورة في الاتجاه الصحيح وفِي الطبقة القيادية فهو كاف وحمل الناس كافة على مقتضى الخاصة لا ينال . جمعت مراجعات ( النهضة ) من (1969 )حتى ( 2016) فكتبت فيها كراسا كاملا لكثرتها ودلالتها والناس – بل ازيد من ثلاثة ارباع المنتسبين – لا يعرفون من ذلك عدا التحول الاخير.
هو قدر سيء ولسنا احرارا :
نحن في مرحلة تاسيسية داخليا وخارجيا والزوابع في وجه الاسلام وامته لا تهدا الا لتجيش من جديد وديمقراطيتنا – مفتاح نهضة تونس – مهددة. هذا قدرنا وهل يختار المرء زمانه اومكانه؟ حيال القدر حريتنا محدودة ولن نسال الا عن طوعنا. ما نطمح اليه حسبنا تاثيثه بالقيم الموءسسة ولخلفنا تدقيقات وتصويبات تخلفت محالها.
( النهضة ) هي الثور الابيض :
ثمة اشياء عميقة تستنبط بالتفكر والتدبر منها ان ( النهضة ) التي هي شيطان الفضاييات التونسية واكثر مركبات المجتمع الحزبي لا يعد لاستئصالها لذاتها انما لانها ترمز الى الحقل المكروه الذي أنجبها وهو بمثلها حابل . اذا كان ذلك كذلك فليست المشكلة في تخصص حزبي لم يكن وفيا او اخترمته اهواء او صرمته مجاملات. المشكلة في مَحيط مشحون يحتاج لزمن حتى ينقى.
صحيح انه لولا ( النهضة ) لاختفت حروب باردة وساخنة ولكن الاصح هو ان ( النهضة ) غذت الحياة التونسية بحراك جديد وهل تولد الحياة الا من غاشيات الحركة ؟ ثمرة ( النهضة ) في افواهكم مرة ولكن ستكون عسلا في اعقابكم. تلك علاقة السابق باللاحق.
ضبط الحرية بالمرحلة والمسوءولية :
لو قال كل احد ما يعتقده في كل زمان ومكان لفسدت الارض الا الفيلسوف المجرد اما السياسي فان لسانه وقلمه اوفياء للمرحلة فحسب والمراجعات مظانها مكاتب خلفية تطهى على نار باردة.
لو اختار التونسيون ( النهضة ) في 2019 حتى في المرتبة الثانية متجاهلين القصف الاعلامي فلن يعتذر المحاربون ولكن ندرك مرة اخرى ان العمق التونسي عمق سليم ولكن قشرته النخبوية مسحورة بسراب . لو عاش ( سمير أمين ) لغير نظريته من ( مركز/أطراف ) الى ( عمق/نخبة ).
معادلة صعبة ( حرية /وحدة ) والحكمة كلها حسن ادارتها.