دقة القرءان وضبطه النظمي بلاغة بكتت ارباب اللسان فما وجدوا موضع ثقب إبرة يتسلل منه لغوهم. من ذلك انه ذكر النذر مرات بدقة عجيبة لا تتعدى الدعوة الى الوفاء بنذر سابق يمدح به اذ الوفاء بالوعد خلة محمودة وما رغب ولو تعريضا مرة واحدة في النذر ذلك ان النذر فقرة قارة في طقوس الشرك مثل التطير وَالأَنصَاب والأزلام وزاد النبي عليه السلام الامر بيانا شافيا اذ قال ( النذر لا ياتي بخير انما يستخرج به من مال البخيل ) وزكى ذلك اذ لم ينذر في حياته قط وما نذر صحابي قط حتى الذين تورطوا في النذر غير المعلق نهاهم كمن نذر ان يقف في الشمس وبذلك تحرر الحكم في النذر ان المعلق منه ( اي الذي يرهن نذره بحصول شيء ) محرم حتى لو كان مباحا اصله ( لو شفيت أتصدق بكذا ) اما لو لم يكن مباحا فهو اشد حرمة ( لو شفيت اطلق زوجتي ).
علة تحريم النذر المعلق :
علة معقولة فحواها ان المرء الناذر يعلق قلبه بما هو فيه اذا كان يرقب خيرا او ذهاب ضر فاذا حصل مرغوبه تسلل اليه الشيطان ( العدو الاول ) ليقذف فيه انه لولا النذر لما حصل مرغوبه وهذه بداية الشرك وهذا هو المقصود بأية يوسف ( أخطر أية ) ” وما يوءمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون “.
حتى النذر الحر مكروه :
النذر غير المعلق لم يفعله المكلف بتبيين القرءان ولم يفعله الصحابة فكيف يكون هذا عملا صالحا؟ حكمة كراهته تكليف النفس ما قد تعجز عنه. في عام 1988 كنا في سجن برج الرومي وابلغنا ان عفوا يوشك ان يشملنا فنذر أحدنا ان يظل صائما شكرانا حتى يفرج عنا ولكن طال الامد وانتبهنا الى ان اخانا يصل صومه منذ شهور فألححنا عليه فأخبرنا انه ناذر فأقنعناه بفك نذره وفعلا ظللنا سجناء بعد ذلك شهورا طويلة.
بدل النذر شرع الدعاء :
لكل منهي عنه بديل يشغل به الموءمن نفسه وبديل النذر هو الدعاء الضارع والتوكل البارع والعمل الكارع وبذا لا يرتهن الفوءاد الا بالتوجه الخالص لمن يدبر كل شيء سبحانه. كم من مسلم غارق اليوم في نذور معلقة تطحنه ؟ فك نذرك وكفر بكفارة يمين.