صاحب هذا السوءال الاستنكاري هو محمد عليه الصلاة والسلام. اذ فاجأ الصحابة – وهو الذي علمهم الايمان قولا وعملا – بان قال لهم : هل انتم موءمنون؟ اطرقوا اذ بوغتوا وحق لهم اذ ان السوءال جديد وخطير ومفاجىء والسائل هو المعلم الذي ظل يدربهم على الايمان سنوات. الا الفاروق – ذلك التلميذ الأذكى – قال : نعم. وربما ظن او ظنوا ان الامتحان انتهى فاذا بالمعلم يستأنفه قائلا : على كل دعوى دليل يا عمر فما دليل إيمانكم ؟ هنا استجمع الطالب اللامع كل ذكائه وقال بلسان الواثق : نشكر في السراء ونصبر على الضراء ونوءمن بالقضاء. تهللت أسارير وجه المعلم فرحا بطالب متفوق حتى لكان محياه بدرا يمخر عباب الدجى فتنار به الدنيا ثم قال : موءمنون ورب الكعبة موءمنون ورب الكعبة موءمنون ورب الكعبة. قليلا ما يقسم ونادرا ما يوءكد بالتكرار. اما هنا فقد وجبت .
أربان لي هنا :
١- أرب يفيد منه اهل التربية والتعليم في البيوت وفِي المدارس والمعاهد والكليات و
الجامعات والمساجد وكل محضن تربوي او تعليمي . عنوان هذا الأرب هو ان محمدا عليه الصلاة والسلام معلم نتعلم منه فنون البيداغوجيا بالتعبير الأجنبي المعاصر.
ا- قيام التعليم على مبدأ الامتحان حتى يختبر المعلم المستوى العام لطلابه اوابنايه .
ب- انتقاء المتميز المتفوق الذي يطمان اليه في قيادة العملية التربوية او التعليمية من بعد رحيل المعلم او غيابه. او ما يسمى حديثا بالتوريث.
ج- اعتماد المباغتة او المفاجاة لتمليك الطلبة سرعة البديهة والعصف الذهني السريع اذ الحياة لا تمهل الانسان حتى يجهز نفسه في احيان كثيرة.
د- العلاج بالصدمة وهو اُسلوب طبي يعتمد كثيرا في النفسيات كما انه يجعل من المرء جاهزا لا متسيبا ويقظا لا غافلا. الصدمة عندما تكون في مكانها وزمانها وحجمها تكون أجدى اماالرتابة التقليدية فقد تصنع متعلما ولا تصنع معلما.
ه- التعليم او مراجعة العلم بالسوءال لان السوءال يحرك الذهن ويتحدى العقل وينشىء المنافسة ويخفف من وطأةالرتابة ولذلك أورده القرءان منهجا قارا في مسلكه التعليمي.
و- يوطد عرى الثقة بين المعلم والطالب ويقطع مع الناموس التأديبي إلجاف بما يقرب المسافة النفسية فلا يستحي الطالب – وخاصة الطالبة – من طرح اي سوءال.
ز- بناء العلم على الدليل وهذا عادة ما يثمره السوءال الذي يحيل الى سوءال جديد. لا شك انه لم يرد منهم الجواب الاول انهم موءمنون بل اراد تعليمهم دليل الايمان ان يظلوا أطفالا يستدلون بالمبنى على المعنى.
وحتى لقاء قابل في أرب جديد.