ربما لا يصدق شيء في الانسان صدق هذا : وكان الانسان اكثر شيء جدلا.
بل ربما لا يصاب الانسان بمرض أخطر من التعصب . التعصب داء وبيل حتى لو كان ظاهره غير ذلك. الا ترى ان التعصب لله أورث بعض عائلات التصوف حلولا واتحادا كما فعل ابن عربي والحلاج؟ وان التعصب للدين اثمر في بعضهم غلواء في منازع التكفير؟
امتلا خطابنا – كلنا جميعا الا قليلا منا – بالتخوين والرمي بالعداوة للثورة ودماء الشهداء بمثل ما تمتلىء صفحات دينية بالتكفير والتفسيق والتبديع . الباعث واحد في الحالين : هذا سجن نفسه في تصور لإدارة الثورة لا يرى غيره وذاك حبس افقه في تدين عمودي يسحق به كل تنوع أفقي .
كنت اظن قبل سنوات ان الوسطية والاعتدال والتوازن فكرا والانصاف والعدل والموضوعية عملا منازل يتسنى لأكثر الناس سكناها ثم ادركت ان دون تلك المنازل لا يحول الجهل انما الهوى الذي يهزأ به من خلا فوءاده الا من ايمان لم يكسب صاحبه خيرا . ذلك الهوى الذي يصنع من اتقى الأتقياء فرعونا.
الم تفرق السياسة شمل اصدق الناس في الجمل وصفين ثم أجهزت على السقف الواحد بالكلية ؟ اليس أولئك مبشرين بالجنة ؟ ليس يعني ذلك ان السياسة شر او اثم ولكن يعني ذلك ان الانسان عندما يعبد هواه فيتعصب لاي شيء ولو لنفسه يكون شرا على نفسه وعلى من حوله.
في ساعات الرخاء والرغد ومقاومة القهر يغرق الناس بعضهم بعضا في انهار التنوع والتعدد والتعاون فاذا نودي : حيي على بناء الدولة حضر الهوى وبرز التعصب وسلت رماح كانت مغمودة : تخوين وتعدين وتكفير وتفسيق وتبديع واحتكار للحقيقة حتى في التقديرات السياسية التي تتابى عن الانضباط لانها ليست دينا .
ماذا لو خونا حماس؟
تطوران جديدان اقتحمتهما حماس في المدة الاخيرة . اولهما قبل بضعة اسابيع عندما أصدرت وثيقتها السياسية الجديدة معترفة لاول مرة بعد مقاومة مسلحة لثلاثة عقود كاملات بدولة على حدود ٦٧.وثانيهما بالامس معلنة انتهاء تعاونها مع جهاز المخابرات المصرية – اي تحت إشراف الجنرال السفّاح الصهيوني السيسي- وداعية حكومة الوفاق الى مباشرة مهامها فورا في القطاع ومعلنة عن حل حكومة حماس في غزة .
سيحضر الانسان الاكثر شيء جدلا.
ظني ان حماس مع هذه التنازلات الموءلمة والمراجعات غير المضمونة – وهل تضمن السياسة شيئا مهما أحكمت القراءات – ستظل تحتفظ بقدر يناى بها عن الخيانة والتعدين والتكفير في عيون الناس . ترى لم؟ الرصيد الكفاحي؟ طبيعة الطرف المقابل : احتلال مدعوم دوليا؟
عندي احتمال مكمل : انعكاسات السياسةعلينا بعيدة في التاريخ والجغرافيا .
ما ضر لو دربنا أقلامنا والسنتنا يوما من بعد يوم على الاقتصاد في اغراق المخالفين دينا وتفكيرا وسياسة تحت أكوام دهماء من التخوين والتعدين ؟ السنا نستنكر على من يمطرنا بالتكفير ؟ اليس التخوين والرمي بعداوة الثورة وقيمة الشهادة صنو الرمي بالخروج من الدين ؟ اي قيمة لتدين بلا وطن واي قيمة لوطن لا يضمن حق التدين لكل متدين؟
هل ان دعوة القرءان هنا خلط؟
لا أكتم فخري بكتاب يعلم الانسان قيم الموضوعية والعدل والانصاف وهو يوءكد مرات ومرات صيغ التبعيض : من اهل الكتاب .. منهم … من الناس … من الموءمنين الخ … اليس هذا موضوعا للانسان ان يعكف على ذاته فيطوف حولها كما يطوف الموحد بالكعبة لا يرى سواها مجسدا تطبيقيا للتوحيد؟
هذه سبيلي :
لا يغرني منك منطق ولا مظهر حتى اختبر معالجتك لمشكلة التعدد عندما يجن ليل الاختلاف فان عالجتها بخطاب يجمع المختلفين وعمل لا يحرق سفن العودة فانا منك وانت مني والا فأنت مني وانا منك.
والله اعلم .