يتطلب الموضوع حديثا أطول ولضيق المساحة أقصره على العناوين الآتية
أوّلا : من يدرس الشريعة الإسلامية دراسة باحث عن الحق والحكمة يدرك بيسر أن الإسلام سوّى بين الرجل والمرأة في أعباء الحياة وتكاليف العمارة مساواة تامة وذلك على قاعدة أن الإنسان كائن
مركّب من الرجل والمرأة معا فلا إنسانية لرجل بدون المرأة ولا إنسانية لإمرأة بدون رجل
ثانيا : قيمتا المساواة والعدل زوجان متكافلان متكاملان فلا مساواة إلا بعدل ولا عدل إلا بمساواة. المساواة الحدّية بين زوجين ـ بالمعنى اللغوي ـ مشتركين ومختلفين في الآن نفسه لا تكون إلا بتوزيع تلك الأعباء على مختلف الحقول وإلاّ إستحالت المساواة حيفا.
ثالثا : فلسفيا الحق ثمرة توافق مع أعلى قانونين في الوجود وهما : قانون السنن العمرانية الكونية وقانون السنن الإجتماعية الفطرية. ذلك هو المعيار فمن وافقه ظفر بالحق ومن تنكبه ضل
رابعا : من علامة الطفولة الإنسانية طرح سؤال : كيف؟ ونبذ السؤال الأهم أي : لم؟ أي لماذا؟ السؤال الأول يحيلك على الطريقة وهي عادة ما تكون صورية تناسب العقل الصبياني. السؤال الثاني يحيلك على الحكمة أي المقصد والغاية والهدف من كل عمل وقول وصنعة. ذلك هو سؤال الكبار والباحث الجادّ المثابر
خامسا : من الأسئلة المعوّقة منهاجيا ـ بغض النظر عن مصدره الديني أو العالماني ـ : لم لا تتزوج المرأة أكثر من بعل واحد في زمن واحد؟ لا تجد له جوابا عدا قانون الفطرة. ومن أمثلة الأسئلة المرتبطة بعلتها وحكمتها : لم لا تتزوج المسلمة غير مسلم؟ الحكم معلّل مقصد وليس هو تعبدي ولا عقدي بما يعني اللجوء إلى القاعدة الأصولية الحاكمة : يدور الحكم مع علته وجودا وعدما. ألم تقل العرب : حسن السؤال نصف الجواب
سادسا : نظام الإرث جزء من النظام المالي أوّلا و من النظام التشريعي ثانيا و من النظام العقدي ثالثا فلا مناص من منهاج تفكيري قويم يعالج كل حقل بما يناسبة من معايير أي إقتناص العقل الموضوعي لا الموضعي والمقاصدي لا الوسائلي. عقوبة قطع اليد مثلا عقوبة قاسية ولكن قسوتها ضرورية لتعالج قسوة مثلها وهي قسوة العدوان على أموال الناس. إرث المرأة في بعض الحالات وليس في كل الحالات أدنى من الرجل موضعيا حيف وهو عين المساواة موضوعيا
سابعا : أكبر مرتكزات فلسفة النظام الإرثي هي : توزيع الثروة حيلولة دون حكر تداولها ـ إسناد بقية فقرات النظام المالي من مثل إخراج الزكاة والإيصاء بثلث المال ونظام الأحباس إلخ … ـ تثبيت الأصل النسبي والصهري والإرضاعي بين الناس أيلولة إليه من بعد نسخ الأصل الديني هنا ـ تثبيت مؤسسة الأسرة على قاعدة التكافل إذ هي أصل الهندسة الوراثية الإجتماعية للناس ولذلك كانت أطول عدة هي عدة الوفاة وفاء لتلك القيمة ـ تثبيت قيمة الوسطية بين نظرة تحرم المرأة بالكلية وأخرى تجعلها خصما لنفسها بإسم الحرية ـ رعاية قانون الإشتراك والإختلاف بين مركبي الإنسانية أي الرجل والمرأة ـ رعاية مؤهلات كل منهما بإعلان أن الأفضلية في كليهما أفضلية أفقية لا عمودية وعندما تتكامل الأفضليات نقترب من عزيمة العمارة ـ تقديم المستقبل على الماضي في المال الإرثي أي جعل حظ الولد ـ ذكرا وأنثى ـ أكثر من حظ الوالد إلا في حالات خاصة تراعى بقدر رعايتها لتلك الفلسفة ـ النظرة إلى الحياة برمتها كسبا وإكتسابا نظرة موضوعية لا موضعية
ـ قصر الوصية على الثلث وحرمان الوارث منها أن يحرم أحد أحدا بغير وجه حق
ثامنا : بعملية حسابية سيظهر أن نصيب كليهما واحد إذ كلّف الرجل بتمويل الزواج بالتمام والكمال وحق المرأة بمهرها ولو كان قنطارا وبالإنفاق على البيت بمن فيه مأكلا ومشربا وملبسا ومركبا ومسكنا ومثقفا وغير ذلك مما تأتي به التطورات كما كلّفه بالإنفاق على البيت من بعد الطلاق حتى يسلم من فيه إلى مصدر مالي آخر وضمن للمرأة إستقلالها المالي كاملا من بعد إعفائها بالكلية من إنفاق درهم واحد على البيت من قبل تكوينه إلى ما بعد إنتهائه بالموت أو بالطلاق وضمن لها حق العمل بأجر ضمن توافق عائلي.و قسم لها حظها من الإرث بحسب تلك الأعباء وليس التنصيف هنا إلا عنوانا أو قاعدة تحكّم في مسائل خاصة يعلمها أهل العلم
تاسعا : لا نحتاج إلى تغيير النظام الإرثي ولكن نحتاج إلى نظام تعليمي لحسن فقهه حكما وأحكاما ولا يبرر ذلك لا بإستخدام أسياف الحياء حرمانا للمرأة في جيوب فقر قيمي مازالت فينا ولا برفع الراية البيضاء في وجه عبيد الفكر الغربي الذين لم يسمعوا بعد أن الغربيين أنفسهم يطرحون أسئلة حول نظامهم الأسري
الهادي بريك ـ المانيا
brikhedi@yahoo.de