لماذا لا يحق لنا أن ننسى رابعة؟

ترجمة لمقال الصحفية ( أندريا باكهاوس) في صحيفة ( تزايت أون لاين ) الألمانية في الذكرى الخامسة لمجزرة رابعة العدوية بمصر.

قبل خمس سنوات أرتكبت مجزرة رابعة من النظام المصري ضد المتظاهرين وبدل عقوبة النظام المصري مازال الغرب يتعامل مع نظام السيسي إقتصاديا. ( تصف هذه الصحفية الألمانية ما جرى أمام عينيها في ذلك اليوم وتقول : أقدمت الشرطة على قذف القنابل المسيلة للدموع ثم تجمعت القوة البوليسية والأمنية أمام خيام المعتصمين ثم بدؤوا بإطلاق النار. ) قالت ( قبل ساعات قليلة كنت هناك أجري أحاديث وحوارات صحفية مع بعض المنتمين لحركة الإخوان المسلمين وبعض قياداتها وبعض الناس العاديين من رجال وأطفال ونساء). تقول : كانوا في حالة تخييم لمدة ستة أسابيع يطالبون بعودة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي وكانوا سلميين. وأظهر نظام السيسي مساء ذلك اليوم 14 أوت 2013 العنف الحقيقي إذ قتل أكثر من ألف معتصم من الرجال والنساء والأطفال وجرح أكثر من 4000 وكثير منهم مصابون بالذخيرة الحية في أعلى الرأس بما يعني أن القتل كان مقصودا وكما ورد في تحقيقات المنظمة الحقوقية الدولية المعروفة ( هيمان راتش وورد ) أن مذبحة رابعة هي من أكبر المذابح ضد المتظاهرين السلميين في العالم المعاصر.
في الغرب لم يهتم أحد تقريبا بالمجزرة ففي أروبا الرسمية أي الحكومات لم تكن هناك إحتجاجات ولا صيحات فزع وفي أوربا الأهلية كذلك لم يحدث شيء من ذلك فلا حوارات ولا عرائض ولا عقوبات ولا حتى مجرد تهديد من طرف الحكومات الغربية والأروبية. وبذلك فقد نجح السيسي في إنقاذ مجزرته من النطاق العالمي وإلى اليوم لا يعدّ مسؤولا عن تلك المجزرة.
ثم توالت التحركات الشعبية في كل أرجاء مصر وخاصة في القاهرة ثم برز في الصحافة أن السيسي هو الأقوى وأعاد بناء المخابرات ودمر المجتمع المدني. تقول الصحفية : نحن شهداء على دكتاتور حطم كل الحدود المعروفة في القمع في مصر فلا مثل هؤلاء الذين أشعلوا الحرب ضد المعتصيمن أمام محكمة بتهمة العدوان على حقوق الإنسان ولا قطع الغرب العلاقات مع نظام السيسي بل نعيش إلى اليوم تقربا من الغرب إلى نظام السيسي وقبولا متناميا لهذا النظام الشمولي. ولا أدل على ذلك من وزير الإقتصاد الألماني ( سغمار قابريال ) الذي إلتقى السيسي في القاهرة وصرح مخاطبا المصريين بأن لهم رئيسا مثيرا للإعجاب أو الرئيس الأمريكي ( ترمب ) الذي يؤمن السيسي فهو بحسب قوله يقف دائما خلفه ويدعمه أو وزير الداخلية الإيطالي ( ماتيس سالفيني ) الذي صرح أن بلاده تريد تقوية العلاقات مع مصر.
تقول الصحفية : أنا رأيت بنفسي كيف أن الجنود المصريين يقتلون الصحفيين الأجانب وكيف يسجن المراسلين ويعذبهم ويحكم على بعضهم بالإعدام. تقول : هذا النظام يريد الثأر منهم لأنهم وثقوا في صائفة 2013 قساوة المذبحة. تقول : مصر اليوم نظام شمولي والبوليس السري أقوى من أي وقت مضى فهو في كل مكان : في المقاهى وفي المطاعم. ولم يعد هناك حيدث عن السياسة في مصر والكل يعرف : أن من ينتقد يعاقب ودون إستثناء. تقول : أن مصر هي صندوق أسود إذ أن أكثر الصحفيين الأجانب غادروا البلاد وقليل من يحصل على تأشيرة عمل وكثير من المدونين المصريين والمثقفين أوقفوا أو إضطروا إلى النفي.
كما تقول : أن الثوار ساخطون ليس على نظام السيسي فحسب بل ساخطون على الغرب الذي يعتقدون أنه خذلهم وخاصة أولئك الذين كانوا في ساحة التحرير في القاهرة إذ أن الغرب الذي ظل يتحدث عن حقوق الإنسان أقدم على تقوية النظام المصري إقتصاديا وأن ذلك الغرب أصبح يعامل أولئك الثوار على أنهم ميليشيات الدولة الإسلامية ( داعش ) ويجعل الغرب من السيسي حليفا في مقاومة الإرهاب. تقول : السيسي ليس شريكا جيدا للغرب إذ أن سياسته جعلت من بعض المنتمين إلى الإخوان المسلمين راديكاليين وبعضهم ذهب إلى تنظيم الدولة الإسلامية أي ( داعش ) وأن منسوب الكراهية توسع كثيرا بين الفقراء الذين يزدادون فقرا وبين الذين يحكمونهم وأن الإقتصاد المصري سيء وأن البطالة عالية أكثر من قبل وأن القوارب التي تخرج من مصر في إتجاه أروبا لا تحمل السوريين فحسب أو القادمين من صحراء إفريقيا بل تحمل المصريين كذلك.
ثم تختم مقالها بقولها : والذي يسأل : مم يفر أولئك؟ عليه أن يتذكر رابعة.
الهادي بريك ـ ألمانيا

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *