الكلمة الرابعة الأخيرة : مقعد ألمانيا .
نصيحتي باختصار شديد هي ان التنافس في ألمانيا على المقعد الوحيد ليس هو بين أشخاص لهم مني الاحترام والتقدير ولكن بين احزاب او ائتلافات او كيانات تحمل روءى وتوجهات .
مرشح النهضة ( احمد موسى ) لو ترشح باسمه الشخصي ما كنت أظن انه سيكون له شان كبير ليس لانه ليس صاحب شان معتبر ولكن لان الناس في العادة يختارون بداية بين الأحزاب بعضها مع بعض .
اما فيما يلي الذين يحسبون أنفسهم فيما بينهم وبين أنفسهم من الفضاء الإسلامي العام ومن الفضاء النهضوي الخاص ( فكرة ومشروعا وأملا وليس حزبا ) فان اختيار مرشح النهضة لا يعني الرضى به كليا او جزئيا سيما انهم يعلمون انه ثمرة انتخابات داخلية تنافسية وليس يحمل مشروعية عداها.
ان خذلان الاتجاه العام في هذه المحطات حتى مع عدم الرضى لا يبقي من قيمة الانتماء شيئا ولا يذر . أليس الانتماء حاجة اجتماعية وجبلة عاطفية ؟
نصيحتي الى الغاضبين في هذا الفضاء او حوله ان يعتبروا ان التنافس ليس بين ( احمد موسى ) وغيره . هذا تصوير مجتزأ مبتسر في تقديري مع احترامي المطلق لكل راي ولكل صاحب راي اذ الأمر هنا اجتهادي بوصلته المصلحة والمفسدة وليس الحرام والحلال.
نصيحتي هي ان نضع البلاد- بما هي ثورة مهددة وديمقراطية وليدة وهوية زهد فيها حتى بعض أهلها- فوق التنابزات وتقديراتنا للمترشحين .
نحن امام وطن يراد له الركوع تحت اقدام قوى إقليمية تقايض بمالها وتسرق منا بهجتنا بالتحرر ولها فينا وكلاء اوفياء . تصوير التنافس بين المرشح ( احمد موسى ) وغيره تصوير ضيق اذ هو اليوم مرشح الحزب الذي نامل منه كثيرا بالإصلاح داخله وخارجه اما التدمير فلا يفيد منه غير أعداء المشروع الإسلامي الديمقراطي .
إليك هذا التمثيل :
هب جدلا ان عضوا او اكثر من اسرتك او جمعيتك او شركتك او جوارك لا يرضي سلوكه فهل تبتره أم تصلحه؟ واذا تعذر اصلاحه هل تستبدل أسرة باسرة ؟ الست لا تضحي بالأسرة كلها بسبب عضو فاسد فيها ؟ هل نلغي ( النهضة ) لان رجلا مثل ( بولبيار ) تسلق الى قيادتها او يسر له سبب التنفيذ من مثله ؟
حزب النهضة يتعرض لتحولات مثيرة وحق للثورة ان تعيد تشكيل الحركات ولكن هل من الحكمة ان نركل هذا الموءسس العريق الكبير غافلين عن منجزاته في نصف قرن مضى بسبب اخطاء كبيرة وكثيرة ولكنها حتما لم تكن في المستوى العقدي الفكري ولا في المستوى الوطني السيادي ولا في المستوى الإسلامي القومي وما عدا ذلك قابل للإصلاح ولكن بنفير منكم وليس بلفتة حنان فوقية .
الله وحده يعلم واشهده على نفسي أني لست أبرر الأخطاء ولا انحاز الا لما أراه اكثر تعبيرا عن املي ولكن علمتني الايام ان الصبور الجاد هو من يلزم الجماعة اصلاحا ونقدا ومعارضة داخلية اما الابتعاد فانه يفضي الى الخروج على ذلك المحضن ومع الايام يجد المبتعد نفسه من حيث لا يشعر انه شوكة في حلق مشروع مازال يحمله وبإخلاص . اللزوم المقصود ليس حزبيا تنظيميا فحسب بل هو لزوم ثغرة ورباط لا يقدر عليه المتحزب والمنتظم .
في هذه المحطة الخطيرة وبنتائج الدور الرئاسي الاول لسنا ابناء النهضة بل جنود تونس ضد أعداء الثورة واعداء الحرية واعداء الاسلام . الوضع خطير ومفتوح على مجهول وكل صوت انتخابي في غير هذا المحل الوطني يكون حسرة وندامة .
طريق الديمقراطية تبين لنا اليوم عملا ومكابدة انه هو الأطول والأشق والأكثر الغاما وهو اشبه بطريق طالب امله شهادة جامعية عليا فلنكن نحن من يعبد ذلك الطريق المخضب بالأشواك ولعمري ان حنظل الديمقراطية احلى من عسل الدكتاتورية .
صبر جميل .
تونس ( بلدة طيبة ) لا تسلمها الذئاب .