قراءة في تعدد الزوجات للحالة النبوية

هذه مسألة تحتاج الذي تحتاج ولضيق المساحة أقصرها على العناوين الآتية

أوّلا : محمد الإنسان لم يتزوج عدا إمرأة واحدة. هي أرملة تفوقه بما لا يقلّ عن خمسة عشر عاما عاش معها حتى ماتت و كان عمره يومها 45 عاما وأنجب منها كل ولده عدا إبراهيم. و هي التي سعت إلى الزواج منه لما رأت منه من أمانة تجارية. حتى بعد بعثته نبيا ظل يحتفظ بزوجته الأولى الوحيدة حتى ماتت

ثانيا : لم يتزوج عليه الصلاة والسلام بكرا غير عائشة وكان يمكنه أن يفعل ذلك عندما كان لا يشار إليه في قريش كلها إلا ببنان الصادق الأمين ولم يكن ينقصه لا مال ولا جمال ولا نسب هو منه في الذؤابة بل إنه أعرض عن المرأة التي أحلت له دون غيره ـ الواهبة ـ

ثالثا : لما تحمّل مسؤولية الرسالة أخضع زيجاته إلى مقتضيات الرسالة توسلا إلى الناس بالخير قدوة وتضحية لعلهم يؤمنون. وعلى ذلك الأساس يمكن تثبيت الآتي

ــ تزوج أربع أرامل هن : سودة إحدى مهاجرات الحبشة و حفصة أرملة لمهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ولبدري وجويرية التي قتل بعلها في بني المصطلق وهي أسيرة وبنت زعيم وميمونة التي مات زوجها

ــ تزوج زوج مرتد هي : أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان وهي إحدى المهاجرات إلى الحبشة وبنت زعيم

ــ تزوج أرملتي شهيدين هما : زينب الهلالية وهي زوج لشهيدين أولهما في بدر والآخر في أحد وأم سلمة هند المخزومية إحدى المهاجرات إلى المدينة وأرملة شهيد

ــ تزوج ثلاث بنات لزعماء سياسيين هن : صفية بنت حيي إبن أخطب زعيم بني النضير وكانت أسيرة في خيبر وقتل زوجها وأم حبيبة التي سبق ذكرها ومثلها جويرية أي سبق ذكرها

ــ تزوج بنتين من وزيريه هما : عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر إبن الخطاب وسبق ذكرهما معا

ــ تزوج زيجتين لحالة خاصة هما : زينب بنت جحش بأمر من ربه سبحانه بغرض حصد مصيبة التبني من أسّه ومارية القبطية هدية مقوقس مصر إليه وهي أم إبراهيم

تحليل موجز
لفلسفة زواجه عناوين أربعة هي : كفالة المرأة وتحرير المرأة وكفالة القيمة ورعاية السلم السياسي. في العنوان الأول أي كفالة المرأة تزوج أربع أرامل وزوجة مرتد وأرملتي شهيدين. في العنوان الثاني أي تحرير المرأة تزوج مارية التي حررها من العبودية وإرتفعت إلى أعلى منزلة إنسانية أي أمومة المؤمنين والمؤمنات حتى يوم القيامة ومثلها صفية أسيرة خيبر وجويرية أسيرة بني المصطلق. وفي العنوان الثالث أي كفالة القيمة الأخلاقية تزوج سودة ورملة مهاجرتين إلى الحبشة وأم سلمة مهاجرة إلى المدينة والقيمة هنا هي إعلاء شأن المرأة المقاومة دون حريتها العقدية لا تبالي في مجتمع يئد المرأة ويحجب عنها حق النكاح وليس حق الإعتقاد فحسب. وفي العنوان الرابع أي كفالة السلم السياسي تزوج صفية بنت سيد بني النضير ثاني أكبر قبيلة إسرائيلية وأم حبيبة وجويرية وكلاهما بنتان لسيدين : الأول هو أبو سفيان سيد قريش والثاني هو سيد بني المصطلق قبيلة خزاعية وهذا يعني بناء علاقة دبلوماسية لإحلال السلم محل الحرب وبناء جسر من جسور الدعوة إلى الإسلام في مجتمع بناؤه قبلي يتبع فيه الأتباع سيدهم وبمثل ذلك كان مع الجبهة الداخلية التي تحتاج تمتينا كذلك ولذلك تزوج بنتي رجلين من أكبر رجال الإسلام هما أبو بكر وعمر. عودة إلى كفالة القيمة حرص عليه السلام على الزواج من أرامل الشهداء إعلاء لقيمة الشهادة في مجتمع إسلامي جديد مهدد بالإغتيال عربيا وإسرائيليا وروميا كما تزوج بأمر من ربه لإقتلاع جذور التبني الظالم من أسّها ولم يكن راضيا ولكن أدى الضريبة حتى عوتب ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) كما تزوج كفالة للقيمة نفسها أم المساكين زينب الهلالية إعلاء لقيمة الكرم والسخاء والعطاء كما تزوج كفالة لقيمة الحكمة ولبث الأرملة على أطفالها أم سلمة ولها من الأبناء أربعة كان هو عليه الصلاة والسلام كفيلهم وهي ذاتها الحكيمة التي أنجى الله بها الأمة في الحديبية من عذاب وشيك إذ رفض الأصحاب أمره إياهم بالحلق أو التقصير كما تزوج كفالة لقيمة الصلاح ميمونة في عمرة القضاء آخر من تزوج وهي مشهود لها بالصلاح

فهل يظل التعدد فينا بعد هذا تلبية لشهوة أم وظيفة إجتماعية وخدمة للقيم العليا أم محل سخرية حقيرة؟

الهادي بريك ـ ألمانيا
brikhedi@yahoo.de

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *