كلمة قبل البداية:
()- ازف خالص شكري لكل اخواني واخواتي الذين ذبوا عن عرضي في هذ الفضاء في اثر مقالي : خذوا حذركم.
()- لو كنت اعلم ان العبد الفقير سيغدق عليه اخوانه وأصدقاؤه بما فعلوا حسن ظن فيه فحسب – اثابهم الله عليه بما هو له اهل – ما شكوت وجعي ولا بثثت حزني والله وحده يعلم تاثمي بما خططتم . ولن اعود ان شاء الله وليكن عرضي مرتعا مباحا .
أسئلة يطرحها صوم عاشوراء:
السوءال الاول : لماذا عاشوراء بالذات ؟
ما ان اخبر – مبني للمجهول – عليه الصلاة والسلام ان اليهود يصومون العاشر من المحرم بعد مقدمه المدينة احياء لانجاء الله موسى عليه السلام حتى قال : نحن اولى منهم بموسى فصامه وأمر بذلك استحبابا لا ايجابا بل عزم على صيام التاسع منه في العام الذي قبض فيه فمات عليه الصلاة والسلام و لم يصم عدا العاشر.
صوم عاشوراء : ايمان بحق المقهورين في التحرر.
لا بد من توفير حبل متين يربط صيام عاشوراء بالمناسبة التي لاجلها سن صيامه عليه الصلاة والسلام . تلك الصِّلة بينها الذكر الحكيم وهو يخبرنا ان موسى عليه السلام لم يرسل نبيا هاديا الى بني اسراييل فحسب بل ارسل اليهم محررا من بطش فرعون.
ما هو الدليل على المنزع التحريري في رسالة موسى؟
لما خرج بنو اسراييل من البحر الأحمر روى الله عنهم انهم مروا بقوم يعبدون أصنامهم فقالوا لنبيهم موسى عليه السلام : اجعل لنا الها كما لهم آلهة . الا يعني ذلك ان موسى عليه السلام لم يقسم قومه وهم يرزحون تحت الصلف الفرعوني الى موءمن به وكافر ؟ اذ لو فعل ذلك لما كان منهم هوءلاء الذين طالبوه بعد النجاة بالعود الى عبادة الأصنام . حتى ان القرءان هنا – على غير عادته – لم يستخدم صيغة التبعيض: منهم.
ذلك يدل على ان رسالة موسى الى قومه – بني اسراييل الذين استأثروا بأكثر النبوات في التاريخ – كانت تحريرية بالأساس الاول .
لعمري ذلك هو ما حرصت عليه كل الرسالات اذ انها تسبق التحرير على التعبيد وفق منطق مفهوم معقول عنوانه ان الانسان المسترق او المكره لا عبرة بإيمانه ولا بكفره مظنة ان يكون مفتونا مجبرا على ذلك. ولذلك كانت رسالة الاسلام في مكة : خلوا بيني وبين الناس. اي لترفع القيود عن حرياتهم اولا وبعد ذلك يكون القانون هو : فمن شاء فليوءمن و من شاء فليكفر.
صوم عاشوراء يحمل رسالة إلينا نحن اليوم ان حق الشعوب المقهورة والمجتمعات المستضعفة – قياسا على بني اسراييل في الزمن الفرعوني – هو حق انساني اسلامي جاء الدين لترسيخه وان تخليده بالصيام يجعله مناسبة سنوية تذكر الناس انه لا يموت بالتقادم وان الصائمين والصائمات هم اولى الناس بتثبيته.
صوم عاشوراء : يقين بهلاك الظالمين.
هو صوم احتفائي مزدوج. احتفاء بنجاة المقهورين ولا يسع المسلم الا ان يفرح لكل مقهور يتحرر. واحتفاء بنفاذ وعيد الله في أبغض عدو له اي فرعون . فرعون اسم موءسسة حكم وليس اسما شخصيا والعبرة هي ان نفاذ وعيد الله في كل متفرعن – ومثله المتهيمن والمتقورن – ماض لا محالة.
السوءال الثاني : لم نحتفي صوما؟
لم لا نحتفي بانتصار المقهورين صلاة مثلا او صدقة او طوافا؟ اليست كلها عبادات وقربات ؟
لا بد من توفير علاقة بين الصيام وبين هذا الاحتفاء . لا بد من دعوة قاعدة منطقية شرعية عنوانها : الجزاء من جنس العمل لتصبح هنا : الاحتفاء من جنس السبب. العلاقة لها عنوان واحد اسمه المقاومة اذ الصوم صبر وعزم اي مقاومة للشهوة. ومقاومة الفرعونية صبر وعزم . الم يخبرنا عليه الصلاة والسلام ان الصوم نصف الصبر وان الصبر شطر الايمان ؟ الم نتعلم ان الايمان يثمر العمل الصالح وان اصلح عمل هو الجهاد – ذروة سنام الاسلام – وان الجهاد منضبط لمقصده المسطور : حتى لا تكون فتنة وان الفتنة هي الاكراه؟
الاحتفاء في هذه المناسبة بالصوم اذن مقصده اعداد الانسان بالارادة حتى يتجهز نفسيا وبدنيا لمعركة التحرير كلما ءان أوانها .
اظن ان من يصوم عاشوراء او كليهما وهو يعلم لم يصوم اذخر اجرا وأجزل ثَوَابا ممن يصوم ولا يعلم لم يصوم وفِي كل خير ان شاء الله .
مبارك عاشوراكم.
تقبل الله صومكم.