اخرج الترمذي واحمد والبيهقي عن ابي هُريرة انه قال صلى الله عليه وسلم : ثلاث حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف .
الاسلام مساحتان تتكاملان.
مساحة فردية شخصية بتعبيرنا المعاصر اي عينية بالتعبير الغابر وهي مساحة الاعتقاد والعبادة وهي المساحة التي تدور حول مناطها اي الحرية اذ لا ايمان لمقلد ولا لمكره.
ومساحة وسطى – شبه شبه – يختلط فيها الشخصي الخاص مع الجماعي العام وهي حقل الاسرة كأنها قنطرة تصل الشخصي القح بالعام المحض.
ومساحة عامة تسمى قديما كفايية اي ان تعميرها مطلوب سوى انه يعفى منه العجزة ومن في حكمهم فاذا توفر للأمة منها اللازم الضامن لكلياتها الضرورية ( الخمس) فبها ونعمت والا عّم الاثم الامة كلها حتى العجزة اذا بخلوا بالحض.
الانحراف فينا قديم.
لا قيام لامة الاسلام عدا بقيام تلك المساحات الثلاث وتكافلها. وعندما امّم الأمويون الشان السياسي لعائلاتهم استبعادا لحق الامة في اختيار الحاكم ومحاسبته وعزله بدا الانحراف الذي حصر اعظم شان من شوءون الواجبات الكفايية – الجماعية العامة – اي الشان السياسي في طائفة من الامة وهي طائفة الحكم.
ثم ترسخ ذلك لانحراف فينا ثقافة.
ومع مرور الايام تحول ذلك الانحراف الى ثقافة فكرية ومسلكية بما مهد للعالمانية ومازال المصلحون يواجهون ذلك الثقل التاريخي بصعوبة اذ ان الناس عبيد لما ألفوا وجسون من الجديد.
حقول ثلاثة هي مخ الحياة العامة.
١- الجهاد الذي انحرف مفهومه أنحرافا خطيرا اذ خلط بالقتال و اختصر فيه.
– الجهاد اليوم ليس هو سوى الانخراط في الشان العام على اساس لا بد فيه من تغطية كل الحاجات سواء كانت حزبية او سياسية او نقابية او إغاثية او فنية ومناسبة كل منخرط لمواهبه.
– مواصلة الانحراف بان الجهاد قتال فحسب يعني تلبية رغبة العالمانية اي تعليق الجهاد .
– الجهاد اليوم ليس سوى المقاومة لاجل الحرية مفتاح الاسلام وسر الانسان وهبة الرحمان.
٢- الاسرة التي تعف الرجال والنساء.
– الاسرة مسوءولية مشتركة بين الفرد والمجتمع الذي عليه ان ييسر اسباب الزواج قيميا وماليا .
– الاسرة هي المحضن الفطري الذي يقي الانسان المكرم ان يولد سفاحا في الشارع او يتربى خارج الدفء العاطفي .
٣- مقاومة الرق بكل صوره الغابرة المباشرة والحاضرة غير المباشرة.
– عبر عنه في الحديث بالمكاتب الذي يطلب مالا يتحرر به وهي صورة قديمة .
– العبرة في الرق وغيره دوما بالمعنى وليس بالمبنى او الشكل. اي ان الغرض هو التكافل لتحرير الانسان أينما كان وبقدر الامكان من اي صورة معاصرة تسترقه او تغتصب منه حريته .
– من تلك الصور المعاصرة : تحرير سجين الراي وكل سجين مظلوم . تحرير المراة سواء من عسف الشرق باسم الدين او من سحر الغرب باسم الحرية.
الشان العام حق على الله.
بهذا التعبير المثير قصدا سيق الحديث لنتعلم ان الحق على الله هو فريضة علينا نحن اذ ان الله لا يغير ما بنا الا بعد ان نغير نحن ما بنا من انحرافات فكرية تقدم العمل الشخصي وتوءخر العمل العام.
النهضة شروط ثلاثة.
١- جهادجماعي بكل مستطاع لتحرير الانسان مما يسلب كرامته المعنوية والمادية.
٢- تعاون جماعي تيسيرا لقيام الأسرة مصنع الانسان ومضغة المجتمع.
٣- مقاومة الرق المعاصراعتاقا للانسان من كل صور العبودية لغير المعبود الحق.
تلك هي وظيفة الامة .
والله اعلم .