اقرت امس الحكومة النمساوية حظر الخمار على التلاميذ في مدارسهم وأردف القرار موءكدا ان هذا الحظر لا يعني القبعة اليهودية ولا السيخ. العجيب ان النمسا من الدول الغربية القليلة التي تعترف بالاسلام.
قراءة في تداعيات ممكنة :
١- كانت العلمانية قبل عقود في اروبا معالجة راشدة تحصن بها المجتمع الذي انهكته الحروب الصامتة والمفتوحة بين الاكراه الديني مسنودا من القيصرية ونزوعات التحرر . كانت العلمانية لا تعني عدا الحرية الفردية بدءا بالحرية الدينية ثم أثمرت الديمقراطية سياسيا واصبح طريق النهضة في وجه اروبا بسبب العلمانية الدينية والديمقراطية السياسية مفتوحا ومن ثمرات ذلك وحدة اروبية نقدية وشبه احتكار للسوق وفرض اقتصاد السوق .
٢- فما ان اصطدمت تلك التجربة بالاخر الاسلامي في اول علاقة مع الاخر حتى تسللت روايح الحنين الى الطبيعة الغربية بحسبانها ثمرة يونانية مسيحية صليبية مادية وحدث ما يمكن ان نصطلح عليه بتصلب العلمانية او تكنس الديمقراطية نسبة الى عقدة حروب الفرنجة ( الصليبية ) والى العقيدة الكنسية القائمة على نفي الاخر حتى لو كان داخل المربع نفسه.
ويذكر المهتمون خلاصة التطور المسيحي ( تروم المسيحية ) نسبة الى روما ورمزا الى غلبة السلطان على ضمير الأديان اذ رحلت المسيحية من الشرق العربي الى الغرب بقصد تمسيح روما فما تمسحت روما ولكن ترومت المسيحية . اليوم تلقى العلمانية المصير ذاته اذ لم تتحرر بل تصلبت وتكنست وهي ردة خطيرة لا بد من قراءة تداعياتها.
٣- هذه الردة عن العلمانية سببها الاصطدام مع الاسلام الذي اضحى مكونا اروبيا وظني ان المكاسب التحررية الاروبية بدات بالانهيار :
١- حركة اعتناق الاسلام تغذ السير غذا والاسلام محل درس والنتيجة توسعه دون ريب سرا وعلنا بسبب تأمينه لجبلة التحرر البشرية.
ب- مشروعية الحكم الوحيدة في اروبا هي تامين الحريات والحقوق فاذا توالت الطعنات في خاصرة تلك المشروعية فان السقف يبدا بالخر.
ج – الديمقراطية نفسها وهي سر النظام الاروبي وبسبب الردة عن العلمانية لن تظل محفوظة فاما ان توضع لها ضوابط تحد من منزعها الأغلبي في وجه الثوابت الفكرية الموءسسة ( العلمانية ) والا فان الانهيار قادم دون ريب.
٤- يبدو ان حتمية ( صراع الحضارات ) قراءة غربية ثاقبة وان ذلك المصير بسبب صعود الاسلام وردة العلمانية سينفجر بالطريقة التي انفجرت بها حرب الثلاثين المعروفة في التاريخ الاروبي الحديث وان الترسانة القانونية لن يكون بامكانها تجنب ذلك.
خلاصة :
هذا الحدث ليس معزولا. بل لبنة في مسار . لا بد من انتاج أفكار استراتيجية تقطع مع التقليد التحليلي.