الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الهادي بريك
مقالات مشابهة
هل هلال الأشهر الحرم الثلاثة المتتابعة بذي القعدة الحرام وهي التي قال فيها سبحانه ( فلا تظلموا فيهن انفسكم ).
لماذا لا نظلم أنفسنا فيها ؟
١- قيمة الحرمة هنا معنوية وليست مادية مثل حرمة اكل أو شرب أو منكح. الحرمة المعنوية اشد قدسية لانها تتعلق بالقيمة وليس بالشيء .
٢- حرم الله ثلث الحياة اذ حرم من كل عام قمري ( وهي الوحدة الزمنية المعتمدة ) ثلثه أي أربعة اشهر منه وهي المذكورة عددا في أية التوبة واسما في السنة وهي ثلاثة متتابعات ( ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ) وواحد منفرد ( رجب ). والثلث من كل شيء كثير كما قال عليه السلام .
٣- سبب الحرمة وعلتها هي فرض منطقة زمنية كافية من كل عام ليتدرب الناس على اغماد أسلحتهم ولجم ألسنتهم ( وكبت أقلامهم في زماننا اذ القلم هو اللسان الثاني ) وذلك بقصد تقديس ما قدس القدوس سبحانه أي الإنسان الذي كرمه واستخلفه واستامنه وعلمه .
٤- السبب المباشر لزمن التنزيل هو اقتطاع مساحة زمنية كافية لتامين من يريد حج البيت الحرام اذ كان ذلك يحتاج شهورا بسبب تواضع وسائل النقل ويحتاج امنا بسبب عربدة السيف ولكن البعد العام الذي يتجاوز زمن التنزيل ويحقق المقصد الإسلامي هو تجفيف منابع الاقتتال وازدراء الإنسان وتوسيع دواير الأمن ومساحات السلم .
كيف لا نظلم فيها أنفسنا :
١- وعيا بقدسية الإنسان وأنه لا شيء يغضب الله بعد الشرك به اكثر من العدوان على الإنسان .
٢- كفا للسان ولجما للقلم وضبطا للصورة ان يلغو ذلك في حرمة الإنسان بشرة أو مالا أو عرضا .
كلمتان في الختام :
١- لم يأت الاسلام بفكرة حرمة الزمان إنما اقر ذلك عرفا عربيا يتسق مع مقصده التحريري ملة إبراهيمية سالفة عض عليها العرب بالنواجذ شهامة ومروءة لا دينا. الاسلام يقر الطيب غير ناظر لأصله وينبذ الخبيث حتى لو كان أهله كرام.
٢- من ذلك أقول باطمئنان ان الاسلام هو دين حقوق الإنسان اذ لم يقصر تشريعه على قتل القاتل وجلد الوالغ في أعراض الحرائر وقطع مغتصب أموال الناس بل عضد ذلك بتحريم ثلث الزمان نفسه بل حرم أماكن كثيرة منها الماوي الخاصة والأسواق العامة والمعابد كلها واولها ( سورة الحج ) معابد اليهود والنصارى .
٣- مستقبل آلامة مرتهن بتحريمها ما حرم الله وأكبر ما حرم الله حرمة قيمية معنوية عظمى هو الإنسان فلا حرمة للامة الا بحرمة الإنسان ولا مكان لامة تزدري الإنسان حتى لو تربعت على عرش الشمس ويمين القمر .
أين نحن من فقه حرمة الإنسان ؟ بضاعة مزجاة وتراث فقير من هذه القيم ولكن الأمل في الإنسان ثقة في رب الإنسان قايم لا يموت وراسخ لا يهتز.
فلا تظلموا فيهن انفسكم.
الهادي بريك – ألمانيا