الدكتور الطالبي معروف ويوسف الصديق معروف كذلك ومثلهما أشباح أخرى في تونس وخارج تونس .. كلها أشباح يستخدمها الإعلام فإذا كان الإعلام موجها حكوميا فالغرض هو الإساءة إلى تيار فكري بعينه والتقليل من أهميته عند الناس وإذا كان الإعلام موجها يساريا أو عالمانيا فإن الهدف هو تشويه تيار فكري معين أو دين محدد، هي أشباح يستخدمه الإعلام لتسويق هذا وترذيل ذاك وهي معركة حامية الوطيس الإسلام في قلب الرحى منها دوليا وليس عربيا فحسب أو تونسيا فحسب، من لا يفقه هذا لا يحسن به أن يتهافت على شيء لا يعلمه. تعلم قبل أن تتكلم كما قالت العرب. ليس ذاك هو موضوع هذه القالة القصيرة.
إنما موضوعها هو تهافت الناس وتكأكؤهم على كل كلمة يقولها إمرئ لا شأن له ولا وزن في ذلك الحقل الذي يتحدث فيه. عندما يتكلم الدكتور الطالبي أو غيره من غير أولى التخصص العلمي الشرعي وخاصة في مسألة محكمة بالكتاب والسنة والإجماع أي في معلوم من الدين بالضرورة من مثل حكم شرب الخمر .. عندما يقع مثل ذلك فتأكد أن المقصود من الإعلام لا هو خمر ولا هم يحزنون إنما المقصود هو تورية لهذا الجانب من الحياة وإبراز لجانب آخر.
الذي يؤلمني أن أكثرنا لا يدرك خطة الإعلام بحسبانه ذراعا غليظة بل عصا أغلظ في أيدي أعداء المشروع التحرري. الإعلام ينشئ خطته وينفذها بالطالبي أو بغيرها ونحن ننجر وراءه فلا نلقتط سوى ما قاله هذا أو ذاك من غير المتخصصين وفي موضوع ديني محسوم منذ خمسة عشر قرنا.
هل يظن تونسي واحد عاقل ان التونسيين سينضمون إلى الخمارات والمخمورين لأن الطالبي قال كذا أو كذا. هل أن محكمات الدين مرتهنة إلى تصريح هذا أو عمل ذاك.
عندما عمل المخلوع بن علي بإستراتيجية ماسونية إسمها خطة تجفيف المنابع وجند لها الشرفي وزيرا للتربية وغيره كثير من وجوه التنظير اليساري العربي المعروف .. هل نجح بن علي في خطته. ألم تنشأ صحوة إسلامية حتى والنهضة بين المنافي والسجون.
هل يظن عاقل يحترم نفسه أن الدين موكول للنهضة أو للدولة أو لأي واحد سواء كان دولة أو حكومة أو مؤسسة أو حركة. الدين موكول في حفظه لله وحده سبحانه وموكول من بعد ذلك للإنسان فردا وجماعة.
لم كل هذه الضجة حول تصريحات رجل مسكون إما بعقدة نقص لأنه يشعر أن وزنه العلمي في تونس اقل من وزنه الإعتباري فيها أو بعقدة كبر وإستعلاء. أليس من الحكمة تجاهله وتجاهل تصريحاته وكل تصريحات حول امور محكمة في الدين لا نقاش فيها ولا جدال.
هب أن الإعلام غدا جاء إلينا برجل من الستينات او السبعينات يقول لنا أن الدين خرافة أو هو أفيون الشعوب وأن الله خرافة والنبوة خرافة وغير ذلك.. هل نحبك حوله ضجة ونملأ بها الفايس بوك والأنترنت والصفحات وتظل حديث التونسيين. عندها يكون صاحبنا والإعلام من خلفه قد إنتصر علينا بالضربة القاضية لأنه إستطاع لحماقتنا نحن جرنا إلى المربع الذي يريد هو وليس إلى المساحة التي نريد نحن.
الله تعالى يقول : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. والشاعر يقول : ولو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا .. لأصبح الحجر مثقالا بدينار. عندما يفشل اعداء المشروع الإسلامي التحرري الجامع في الحجاج في المساحات المطلوبة ـ الحرية والعدالة والكرامة وغير ذلك ـ فإنهم يختلقون أسبابا أخرى لجرنا إلى ما يريدون هم ونظل معهم في حلقة مفرغة لا تقدم ولا تؤخر بل تؤخر حتما.
ذلك هو رأيي في الموضوع إذ لا تثيرني مثل هذه ا لتصريحات أبدا والله. اشفق على أصحابها إن كانوا يعدون أنفسهم مسلمين وأدعو لهم بالتوبة ولكن لا أوفر مدادي وقلمي وجهدي لمواضيع اخرى أهم.
هناك العلم وهناك الحكمة والميزان. كل علم ولو كان صحيحا لا يتمكن صاحبه من حسن تصريفه وحسن إختيار المساحات المناسبة له فهو وبال على صاحبه. لا يضيرنا ابدا أن يقول الطالبي أن الخمر حلال فليقل ذلك وأكثر منه إن شاء ولتفتح له وسائل الإعلام أبوابها ربما هي تريد تجهيزه للإغتيال لتكون مصيبة أخرى مثل مصيبة شكري بلعيد وغيره.
لا دواء في رأيي سوى التجاهل. وكما قال الشافعي : يخاطبني السفيه بكل حمق ,, فآبى أن أكون له مجيبا. والله أعلم.