لم يثبت في حق شهر شعبان ـ وهو أصلا ليس شهرا محرما حتى يكون له أي فضل زائد عن فضل ايام الله الأخرى ـ سوى أنه كان عليه السلام يكثر من الصيام فيه حتى إنه أحيانا يصومه كله وما عدا ذلك فإن إنشاء أي عبادة أخرى خاصة به أو فيه ـ سيما في ليلة النصف من شعبان ـ إنما هو بدعة مبتدعة بحسب التحقيق العلمي للذين يهتمون بالتحقيق العلمي مزاوجة بين الحديث وبين الفقه.
أما الذين يتبعون كل أثر مهما كان واهيا ضعيفا فهؤلاء ما عليهم سوى الإستماع إلى كلمات التحقيق العلمي فإن لم يفعلوا فلا يملك المرء سوى أن يطلب الله لنا ولهم جميعا المغفرة ولكن المبتدع حقا ـ والله وحده يعلم ومن يتابع ما أكتب يعلم ذلك كذلك أن العبد الفقير من المقلين جدا في التبديع إلا ما ثبت أنه بدعة سيما أن أكثر الشباب المتدين الحديث ا ليوم يهرولون نحو تبديع كل شيء تقريبا بغير برهان ـ هو من يعلم أن ليلة النصف من شعبان لم تخص باي فضل ثم يصر على إنشاء عبادة فيها.
الموضوع هنا طويل وقد بدأت في إنشاء مقال ـ ربما يطول هو كذلك ـ في هذا الغرض لأبين فيه أننا تركنا ما هو قمين بالإحتفاء وجدير بالإحتفال ” وهو ذكرى تبديل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة تلك الحادثة العظيمة التي وثقها القرآن الكريم لتكون عبرة وذلك في النصف من شعبان نفسه بعد ثمانية عشر شهرا من الهجرة ” وتشبثنا بالإحياء والإحتفاء بما هي بدعة لا أصل لها.
الموضوع هنا طويل ربما أخصص له مقالا ولكن على عجل أقول أن الأئمة والخطباء والوعاظ ومن في حكمهم ممن ينتسب إلى السلك الديني رسميا أو غير رسمي لا يعلمون في أغلبهم ذلك إذ هم عالة على تراث لم ينخل في جزء كبير منه وبعضهم من يقول بالعمل الصالح بالآثار الضعيفة وهذه وجهة نظر على كل حال رغم اني لست منها.
من وجد مثل ذلك في أشد مصادر الحديث فليأت به وليس هو بواجد من مثل البخاري ثم مسلم ثم أصحاب السنن والموطأ والمسند وصحيحي إبن خزيمة وإبن حبان وغيرهم كثير. إلا أن يكون حديثا متفقا على ضعفه. يا إخواني ليس كل من يجد في ذلك ولا حتى في الفقه شيئا يعمل به إذ المسألة أعقد من ذلك لأنه علم له أصوله ومنابته وله أهله ومحله.
اللهم هل بلغت اللهم فأشهد.
وإنه ليعز علي والله أن ندع ما هو محكم في الكتاب العزيز وفي الحديث الصحيح الموثق وفيما إتفقت عليه انظار المذاهب الثمانية المعروفة ـ سيما الأربعة منها ـ وإنه ليعز علي والله أن يتقحم بعض الخطباء ـ بل ينصب بعضهم نفسه متفقها مفتيا وهو يقول على الله وعلى رسوله بغير علم وبغير حق وهو لا يعلم ـ مثل هذه الأمور دون إنتقاء وبحث وتدقيق وتمحيص أو يرجع على الأقل إلى المدونات الفقهية المعتمدة لدى الأمة .. إنه ليعز علي ان يتقحموا ذلك ويدعوا ما هو ثابت محكم في سورة البقرة من مثل تبدل القبلة في هذه المناسبة. أيهما أولى.
هل يصدق مؤمن يحترم نفسه أنه عليه السلام مات ولم يوضح لنا أي صلاة أو أي عبادة في العقائد والشعائر والشرائع مما هو معروف. هذه مساحة تعبد وردت لنا فيها كل شيء بتفصيل مفصل ولو بقي لنا من ذلك غموض فإنه عليه السلام ما بلغ وحاشاه ألا يبلغ. يشق علي التبديع ولكن عندما تكون في حياتنا بدعة فليس لي سوى أن أقول أنها بدعة والله وحده يشهد أن تخصيص ليلة النصف من شعبان بأي عبادة بدعة عدا لصيام.
لنا في نفحات ربنا سبحانه الأشهر الحرم والسحر من كل ليلة ولنا الربيعان : ربيع العشر ا لأخر من رمضان وربيع الأيام العشر الأول من ذي الحجة وغير ذلك مما هو معروف ولكن ليلة النصف من شعبان بدعة بدعة بدعة. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.