الى من لم يوار التراب امه : روضة الجنتين بين يديك

لن يباشر هذا الكلام الموءلم شغاف فواءد حتى يهال التراب على امه. الام مثل العافية لا يدرك المرء قدرها حتى تغيب.اختلطت بالمغاربة كثيرا في العقدين المنصرمين ولكم شدني – بل هزني – تقبيلهم جباه امهاتهم وأيديهن.

كلما تحدث القرءان عن الوالدين خَص الام ولو لم يخصها لما ذهب في خلد عربي لسانا انها مستثناة من الاحسان . خصها في ” لقمان ” مذكرا بحملها إياك وهنا على وهن .. وهن الوحم ووهن الثقل – فلما اثقلت … – ووهن الوضع وكلها مراحل ضعف تعتريها ومُذكّرا كذلك هنا بالفصال عامين وهو الرضاع . كما خصها في ” الأحقاف ” مذكرا بالاكراه الذي يوءثثه الالم حملا يدوم تسعة اشهر ووضعا يدوم ساعات كما عاود التذكير بالفصال. وحتى عندما لم يخص الام – الإسراء – ذكر بان الاحسان لكليهما ان يظن متشوف بعقوق ان الام ادنى درجة او الأب .ومن روائع النظم السليق القح الذي به تحدى ارباب اللسان ان الكبيرة فيه ليست هي العقوق بل هي البر الذي لا يصل درجة الاحسان فمن لم يحسن إليهما إحسانا فقد عق. انظر الانعام (١٥١) اذ عد المحرم هو عدم الاحسان إليهما وليس العقوق.

اما السنة فقد فصلت المسالة تفصيلا رياضيا حسابيا اذ بينت ان الاحسان ارباع اربعة : ثلاثة منها للام خالصة مستخلصة والربع الباقي للأب. لم وباي حق؟ قسمة عادلة لا ضيزى اذ ان الام ” حملت حملا خفيفا فمرت به ” وهو وهن الوحم وكرهه ثم ” لما اثقلت ” وهو الوهن الاخر والكره الثاني ثم وضعت بالم وصراخ ثم أرضعت حولين كاملين ثم سهرت لتنام قرير العين وجاعت لتطعم بل اكلت لتأكل منها وكلحت لتروى وخافت لتأمن وسقمت لتشفى وجزعت وهلعت وذرفت من الدموع سرا ما لو أمطر حديقة جدباء أينعت .. الام وهي تبذل ذلك تسديه بجسم وهن وفؤاد بالامل فيك ثمل ان تشب وتترعرع .

هي فحسب من يذوي عطاء ليشتد عودك.

لقي عليه الصلاة والسلام رجلا يحمل امه فوق عاتقه يطوف بها حول الكعبة فسأله هل ينفك دينها عنه؟ قال له بان ذلك لا يفك عنه خضّة واحدة من رجله وهو جنين في بطنها.

” الجنة تحت اقدام الأمهات ” : ضعيف الاسناد ولكن معناه يلتحم مع منطوقات الذكر الحكيم ومفهوماته التحام الدم بشرايينه. ومن اجود ما قال العلماء : لا تذل نفسك الا بين يدي ربك وبين يدي والديك . الذل هنا قوة بل ان الذل هنا يورث صاحبه شراسة ضد العدو لا تباع الا في متجر اسمه : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة.

جاءه عليه الصلاة والسلام رجل يريد الذهاب الى الجهاد وقد ابكى والديه اذ لم ياذنا له بذلك فغضب عليه وأمره بان يدخل عليهما السرور بمثل ما ابكاهما . ولما علم عن ءاخر ان والديه احياء قال له : فيهما جاهد.
صحيح ان هذا في جهاد الطلب لا في الدفع وجهاد الطلب اليوم تكفلت به هذه الفضاءات وما في حكمها من حمالات الكلمة .

اربع لا يدخلون الجنة :

١- لا يدخل الجنة عاق.
٢- لا يدخل الجنة قاطع . اي رحم.
٣- لا يدخل الجنة نمام . اي مشاء به .
٤- لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر.

من تجربة الحياة :

في ذاكرتي من هذا مشاهد حقيقية لرجال عقوا فما تابوا حتى وارى التراب آباءهم فاستحالت حياتهم جحيما اذ من المسلم به تجربة – بعد وعد الدين – انك لن تدين من ولدك الا كما دنت انت بنفسك جارحة مجروحة من أبويك. اليس وعد الدين – او وعيده – : كما تدين تدان؟

انا اوءمن بالبركة ولا اعرف في حياتي شيئا اخصب بركة من دعاء الوالدين لولدهما . هو صك مصرفي مفتوح لك ان تملأه بما شئت ولن يردك مصرف في الدنيا الا قرير العين ثر اليمين .

لن يطحن كلامي هذا الا مهجة امرىء وارت الدثور امه او رزق فلذة كبد بما يجعل حنانه عليه – ألما يقطع نياط القلوب او املا يعلق اكف الضراعة في السماء بكاء – مذكرا إياه بحنان أبويه عليه لا رضيعا يحبو فحسب بل كهلا يذوب الصخر بين يديه.

انت تعلم ان الانسان يحسد او يغبط كل من تفوق عليه ولا يرضى ان يسبقه الى المجد احد الا ولده من صلبه يود لو انه يسبق العالمين.

اختم بأبيات شعر لصالح عظيمة واعتذر اذ انفلت مني زمام قلم ما استطلق بطنه و داح الا حديثا عن ام ضمها القبر فما أسعفني الاستبداد قبل بضع سنين بقبلة تجبر عقوقا .

وكل ما نم عني او يذكرها () غال عليها ولو عود ولو حجر.
تظن كل غريب عنده خبري () يا لهفة الام لو ندري و نعتبر.
حنانها الكنز لا در ولا ذهب () تسخو وتعطي وفاء وهي تعتذر.
معاجز الله لا تحصى وآبهرها () حنان امي ولطف الروح والسور.

أدعك الان مع دموع حرى تذرفها شوقا الى امك . ابك بكاء يكون لك يوم المحكمة الاخيرة شفيعا.

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *