١- اسباب التوجس من قانون المصالحة والعلاقة مع النظام القديم بصفة عامة معروفة ومفهومة ولكن هل ان المعالجة لا تكون سوى بالرفض المطلق ام ان للتنزيل منطقه الذي كثيرا ما يجور على الفهم استثناء وتخصيصا وتقييدا ؟
٢- هل لنا في مرجعيتنا حاسمات لهذه القضايا ام انها – هنا – حمالات أوجه تستوعب المعالجة ونقيضها بالكلية تحريرا للعقل ان يسجن في قفص الاجترار غفلة عن جديدات الايام وكرات الليالي؟
٣- هل ان الامر دائر ابين احتمالين لا ثالث لهما : حماقة سياسية من القيادة النهضوية وسوء تدبير او خيانة للقضية والمشروع وثقة المجتمع ؟ ام يسع العقل إنعتاقا من الاسار ان يبحث عن احتمال ثالث ورابع ؟
٤- عندما تسير النهضة في طريق الانقلابات الفكرية الثقيلة تدبيرا منها وليس باستفتاء شعبي ولا لتوجيه خارجي … هل يعد هذا تذبذبا وهشاشة ام تقحما لمغامرات تجديدية تصعب على طلاب الدنيا والسلطة معا؟
٥- هذه ” النهضة ” التي نجحت في انقلاب الهوية الفكرية من جماعة ” دراويش” حظهم من الدنيا قميص وذقن الى حزب سياسي يتبنى الديمقراطية ومشاهدها ولم يتجاوز عمرها آنذاك عمر طفلة تلهو بالطحالب …
٦- هذه ” النهضة ” التي نجحت في ادارة المقاومة في اخطر ملفين : الهوية الدينية مع بورقيبة والحرية السياسية مع بن علي …
٧- هذه ” النهضة ” التي فاجأت الخصوم والاعداء والمنافسين والاصدقاء والأنصار بخط سياسي جديد يمضي في الاتجاه المضاد بالكلية لرصيد اربعة عقود كاملات من تجربتها …
٨- اليس من الحكمة ان نتريث في الحكم لها او عليها ؟ الم يضج كثير منا – وهو في دفء المنفى – ادانة لثوريتها ؟ بمثل ما يضج هوءلاء وغيرهم اليوم ادانة لواقعيتها .
٩- هل سال الرجل : اي حظ اليوم لنظام شبه ديمقراطي في مملكة ورثتها التغولات الغربية من نظام بايي تركي صورة لا روح فيها لنصف قرن كامل ؟ هذه التوازنات التي سعرت النار في ليبيا وسوريا واليمن وسجنت رئيساً شرعيا في مصر وأهدت للشيعة بلاد الرافدين … هل تجهل دين ” النهضة ” ؟ ام ان سنوات ضوئية تفصل بين شطب الديمقراطية الجزائرية ٩١ وبين تذبيل الربيع العربي؟
١٠- باي معجزة يتوق العقل عاطفة مشبوبة الى انتصار الثورة في تونس بما يشبه الضربة القاضية والحال ان تونس هي اكبر ضحية عربية للغزو الفكري الغربي وان مفاتيح الادارة في أيدي هوءلاء واخطر مفتاح هو المفتاح العمالي الذي قهر بورقيبة ٨٤ فتراجع لاول مرة في حياته يليه مفتاح الفن ومفتاح المراة وليس اخر المفاتيح راس المال ؟
١١- هل نحن واعون بأمرين : اولهما ان ” التوافق ” بدعة سياسية نهضوية حسنة لجأ اليها أصحابها عملية جراحية موءلمة توقيا لنشوء التوافق التقليدي القديم بين جناحي الاستئصال : النظام القديم واليسار وليس شوقا الى جلاد ٩ افريل او جلاد منوبة ٨٢.
١٢- ثاني الامرين هو ان ما تتندر به – جماعة صفر فاصل – هم الذين فرضوا على الترويكا ترك السلطة . هل وعينا ان القوة في السياسة امران : قراءة صحيحة + امتلاك مفاتيح الادارة ؟هل احسنا قراءة رسالة المجتمع الذي وثق بالنهضة فيما يشبه الانتخاب الاحتجاجي ٢٠١١ ثم تراجع نسبيا ٢٠١٤؟
وأسئلة اخرى تحيل الى الفهم الصحيح وتراعي متغيرين جديدين كبيرين : اولهما ان الخوف العاطفي على الثورة شيء وهو محمود والقراءة الصحيحة شيء اخر وهو اشد حمدا على معنى ان الثورة عصفت بالكلية بسجون الخوف ولكن للتغيير طقوسه وسننه . ثاني الجديدين هو ان العولمة عصفت بالكلية بتخفي الجريمة بجنح الظلام فلا صوت و لا صورة .
هل نحن بصدد مراجعة الخيار التوافقي من اسه ام بصدد تحسين شروطه ؟ البون بين الامرين شاسع.
اظن اننا اليوم تجربة وليس خيالا امام حقيقة عنوانها : لا تحكم الدولة الا بائتلاف وان الائتلاف منوال من القصة الشعبية : العنز والذئب والفصة . فلا ائتلاف بين الإسلاميين والجبهة الشعبية وهو ما يجعل للنظام القديم موطىء قدم وهو ما تنبهت له اليسارية التونسية المتطرفة سهير بلحسن قبل ثلاثة عقود.
فاما توافق حسنته الوحيدة عضل التوافق التقليدي القديم وثمرته تجفيف منابع التدين والتحرر معا واما معارضة تبحث عنها الإمارات بالمليارات .
اظن ان كل خصوم النهضة يعرفونها بدقة وصحة في حين ان اكثر اصدقائها ومنسوبيها ومنتخبها ليسوا كذلك
اظن انها محنة جديدة بطعم جديد ولا بد لها من فرسان جدد يحسنون السياسة وليس سوى السياسة.
والله اعلم .