قال عليه السلام في الحديث الصحيح ( المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم. والمسلم من سلم الناس من يده ولسانه. والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. والغنى غنى النفس والطمع هو الفقر الحاضر ). أخرجه البخاري.
تلك هي حقيقة الإيمان وشتان بين من يحفظ للإيمان أركانه الستة فحسب وبين من يشيد بيت الإيمان بأركان عاتيات وسقف يحميه و جدران تغطيه و زينة تجمّله. ذاك لا تنفعه أركان بيت لا سقف يعلوه وهذا ينعم ببيت الإسلام بأكثر مما ينعم بصرح ممرد من قوارير.
حقيقة الإيمان هي بث الأمن في الناس إذ ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن) قيل من يا رسول الله؟ قال ( من لا يأمن جاره بوائقه). متفق عليه عن أبي هريرة. الإيمان والأمن صنوان شقيقان لدودان.
وتلك هي حقيقة الإسلام وشتان بين من يحفظ صلاته وصيامه وصدقته وحجه فحسب وبين من يبعث فيه ذلك جنوحا إلى بث السلم في الناس وإشاعة السلام بينهم فلا يأتي يوم القيامة مفلسا ( ضرب هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وذاك فإذا فنيت تطرح عليه من سيئات هذا وذاك ثم يلقى في النار). مسلم عن أبي هريرة.
الإسلام والسلام صنوان شقيقان لدولدان.
وتلك هي حقيقة الهجرة بعد إيصاد باب الهجرة من مكة إلى المدينة ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا إستنفرتم فانفروا) متفق عليه عن إبن عباس : هجران ما نهى سبحانه عنه سيما من الكبائر ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنكم نكفر عنكم سيئاتكم). النساء (31). لم أجد وعدا أبعث للأمل من هذا الوعد في الكتاب الكريم كله.
لم يفتك فضل الهجرة لو هجرت الكبائر فحسب وهي في حقك ـ فردا لا حاكما ـ لا تربو عن زهاء عشرين لها عنوان واحد هو : تقوى الإنسان أي تجنب الولوغ في دمه وعرضه وماله كائنا ما كان دينه ولسانه ولونه وعرقه ما لم يكن ظالما معتديا.
حقيقة اليقين هي إمتلاء الفؤاد بالأمل في الله وحده سبحانه ونبذ الطمع فيمن دونه حتى لو كان رئيس الملك جبريل أو خازن جهنم مالك أو حافظ الجنة رضوان أو أغنى أغنياء الأرض وأقهرهم سلطانا إذ ( شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه إستغناؤه عن الناس). الحاكم والبيهقي عن سعد.
تلك أركان رسالتك الأربعة :
1 ـ إيمان لبّه تأمين الناس من جانبك أن يخشوا على أموالهم وأنفسهم منك.
2 ـ إسلام لبّه بث السلام فيهم أن تنالهم يدك بسوء أو لسانك أو قلمك.
3 ـ هجرة تساوي الهجرة الأولى بهجران الكبائر فحسب فلا تضن على نفسك بتعلمها من الكتاب الكريم نفسه لتحسن تجنبها وتفوز بهذا الوعد ( وندخلكم مدخلا كريما ). النساء13.
4 ـ نفس تعلو همة الملوك فلا تذل ولا تنكسر لأحد سوى مالك الملك سبحانه صبرا على صارمات الليالي جميلا إن حلت بك قارعة حاجة أو فاقة ملجئة أو ضارة مضرة.
الهادي بريك ـ مدنين ـ تونس