المراة السعودية : اليوم تقود السيارة وغدا تقود السياسة

اردت ان اختار عنوانا مثل : وانتصرت العولمة . او : وفازت الحداثة . او ما هو أصدم من مثل : العالمانية اقل سوء من الوهابية والليبرالية اخف وطأة من السلفية.

ما تشهده المملكة اليوم من تحولات سريعة وكبيرة لم يكن سوى استجابة لقانون عمراني عنوانه ان الغلو عمره قصير فاذا كان ذلك الغلو مفروضا من دولة عشائرية تغدق عليه بالبترودولار وترفعه سيفا في وجه التعدد- ارادة الله التي لا تقهر – فان نهايته لن تكون طبيعية ولا سارة.

ما كان للتحالف الوهابي السعودي ان يكون استثناء ليعمر اكثر مما عمر.ذلك ان التدين الذي لم يبخل عليه زعيم التيار نفسه قبل قرنين بالقوة لفرضه بين رعاة نجد والحجاز يابى ان يقطن قلبا سيق اليه سوق الدابة . وان هذا التدين نفسه لا يجد الدفء في احضان العائلات التي توءممه لمصالحها او تستخدمه منافسا غير شريف سيما اذا كانت المنافسة في وجه معلم اعظم يكتنز فقه الامة الأشعرية كلاما والسنية مذهبا مثل الأزهر الشريف.

اساءت العايلة السعودية للاسلام عندما بنت مشروعيتها السياسية على تدين بدوي سقفه الاعلى مقاومة مظاهر الشرك وكثير منها رتبها القرءان نفسه في دايرة الفسق وليس الكفر – انظر أوائل المايدة – كما اساءت اليه عندما اعتمدت السيف لفرضه . ذلك السيف الذي ظل عنوانا لرايتها – العلم الوطني – مرسوما تحت شهادة الاسلام يوءكد للمستشرقين والناس اجمعين ان الاسلام انتشر بحد السيف . هو عقل السيف الذي خسف بالامة وكانت له ضحية . اما عقل القلم – سورة القلم – فلا مكان له في أنظمة وراثية ترث الشعوب وراثة الحي الهالك.

اساءت هذه العايلة الى الاسلام عندما أوهمت المسلمين – مستغلة مسوءوليتها على قبلة المسلمين ومسجد نبيهم – انها تطبق الشريعة ومع الايام وانتشار الوعي وثورة التواصل اكتشف الناس الوهم الخادع ان الشريعة غطاء ايديولوجي يستر عورات لا تستر وليس أولها نظام الكفيل وهو الصورة المعاصرة والاسوأ للرق ولا اخرها دعم أنظمة العهر والقهر والتصهين بالمال.

ظلت هذه العايلة تصدر السلفية الوهابية وترعاها بالمال والتأثير السياسي – فلا تختلف في شيىء ابدا عن التصدير الإيراني للمذهب الشيعي بروءية سياسية طايفية- ومع نجاح بورقيبة في طمر الزيتونة وانطماس حاضرة فاس المغربية وخضوع الأزهر للحالة السياسية المصرية خلا الجو للمد الوهابي السلفي متدثرا بالحنبلية – تأثره بالشريعة نفاقا اسود – فكانت بلبلة وفتنة وانقساما وانتشر التكفير وضمر التفكير واضحت مظاهر التدين غاية ومقصدا ومصالحه وأسراره لا تخرج من المجالس العلمية الضيقة المغلقة.

رعت العايلة السعودية سفرا ضخما قراته بنفسي يضم زهاء ماية فتوى مطولة ” موءصلة ” لاعضاء اعلى هيئة علمية سعودية وغيرهم تلتقي كلها على كلمة واحدة سواء : الثورة حرام والاعتصام حرام والمعارضة حرام والمظاهرة حرام وإضراب الجوع حرام . الحلال الأوحد هو: دخول بيت الطاعة الملكي وبيعة ولي الامر وان جلد ظهرك واكل مالك صاغرا مدحورا.

غدا تسوس المراة البلاد.

نحن في هذا الاتجاه بسبب المقايضات السياسية بين المملكة والدوائر النافذة في امريكا واروبا. ستشمل التحديثات المفروضة مراجعات فقهية ومقررات دراسية ومناهج تعليمية وربما تصنع روءوس دينية جديدة تحسن اخراج المشهد الجديد.

الترخيص للمراة بقيادة السيارة هو البيان رقم واحد الذي يعتمده الانقلابيون عسكريا.

سيتطور المشهد الى احتضان عناصر الحداثة وشروط العولمة من صحافة شبه حرة ومجالس شبه معينة ونمط حياة صاخب وتأورب او تأمرك ثم يحين اوان التنظم ثم التحزب.

والنكهة الإسرائيلية ملح الطعام.

هو مسار طويل متدرج محكم الحلقات تقوده دوائر المقايضة الدولية ومن مشاهده الضرورية التطبيع مع الوجود الاسرائيلي .

انا مسرور مبتهج لانها ثورة سلمية ظاهرها حقننا بالتطبيع والعولمة – وفيها من الخير ما فيها من الشر – والعالمانية والحداثة الغربية وباطنها مرحلة وسطى انتقالية بين البداوة العربية والنظام الديمقراطي .

مرحلة ستطول وتحمل معاركها وعاقبتها : امة لم يركعها الانحطاط السلفي لن تركعها حداثة مغشوشة.

والله اعلم .

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *