المانيا من جدار برلين الى جدر العنصرية

سبب المقال : Essener Tafel
مقصد المقال : قراءة في سنن التغيير .

Essener Tafel
اي طاولة أسن . أسن مدينة من اكبر المدن اكتظاظا سكانيا في المانيا و تقع في اكبر المحافظات كثافة ديمغرافية اي مقاطعة شمال نهر الراين في الوسط الغربي لالمانيا وهي منطقة عرفت – ايام العمالة الأجنبية التي ساهمت في بناء المانيا المثخنة بجراحات الحرب العالمية الثانية – بالمنطقة المنجمية ومازالت رسومها السوداء بادية على وجوه المهاجرين المتقاعدين.
المقصود بطاولة أسن هي جمعية ذات نفع عام اي معفاة من الضريبة التي تخصمها الدولة وهي الاعلى في العالم .
تقوم الجمعية على توزيع المواد الغذائية عَلى المحتاجين ومقياس الحاجة في المانيا هو التمتع بإعانة اجتماعية من الدولة باي عنوان .
في الاسبوع الاول من يناير المنصرم أصدرت الجمعية قانونا جديدا ينص على حرمان من لا يتوفر على جواز سفر الماني من مواصلة التمتع بتلك الخدمة .
عللت الجمعية قرارها بان ثلاثة ارباع المنتفعين الجدد – اي بعد استقدام مليون لاجىء سوري – اجانب وان هوءلاء يتخاطبون بلغاتهم في طوابير الانتظار بما اثار اشمئزاز العجائز الألمانيات وأشعرهن بالغربة.
ظل التفاعل الاعلامي حول القضية باردا حتى هاجمت المستشارة هذا السلوك قبل يومين فحسب وبعد زهاء شهرين من قرار عنصري في قضية غذائية حيوية .
رد عليها رييس الجمعية بعنف مضاد محملا إياها مسوءولية سياستها في قضية الهجرة واللاجئين .

اليمين المتطرف في صعود.

قبل هذه الحادثة المصنفة عنصريا بلا نزاع بزهاء اسبوعين فحسب برز استبيان سياسي بوّأ ” البديل من اجل المانيا ” AFD مكانة شعبية اعلى من ” الحزب الاجتماعي ” SPD وهو الحزب الذي يساهم في التحالف الحاكم والذي ظل لعقود طويلات المنافس الاسرش لحزب اكثر مستشارين قادا البلاد : الراحل هلموت كول وإنجيلا مركل. استبيان هز ما بقي في الطبقة السياسية من هدوء من بعد الصعود الكاسح لهذا الحزب المتطرف الذي فرض نفسه على البرلمان لاول مرة وبقوة قاربت 14%.

من تدبرات القراءة في هذه الأحداث.

١- النظام العميق جاهز في كل مكان .

لم اعثر على اشكالية فكرية اكثر تعقيدا من جانب والناس ابعد عن استيعابها من جانب اخر مثل اشكالية ” القديم ” او ” المألوف ” وحضور جاهزيته كلما ظن الناس موته .
بعد مضي سبع سنوات على الثورة التونسية مازال كثير منا يناقش قيام الدولة العميقة من حيث المبدا و يسوق خطابا اخلاقيا في اتون معركة سياسية طاحنة.
المانيا التي حسمت هويتها في اتجاه العلمانية بوضوح وبأقل منه في اتجاه المسيحية ( الكثلكة) تعيش مناخات حرب ساخنة بين ثورة تقودها المستشارة ونظام بعضه حزبي وبعضه مجتمعي.
ثورة مركل عنوانها : العنصر الألماني مهدد جديا بالانقراض بسبب التدني المفزع لمعدل الإنجاب ولان المعالجة الفلسفية لها شروط اخرى فلا مناص من التهجين العنصري البغيض انقاذا لوطن كان قبل نصف قرن تحت السفح وهو اليوم يقود ثورة اليورو في عالم تحركه الاطماع الاقتصادية.
هذه الثورة أيقظت مخاوف النظام القديم ويرجع بعضها الى الهتلرية وهي التي اوحت بعنصرية قحة فجة جريئة اي : Essener Tafel

٢- رسالة هذا المقال هي ان تونس بحاجة الى رجال او قوى يتقمصون دور الربان لقارب صغير تعالجه امواج عاتية وهو يمخر عباب محيط لا تدرك شطانه. لا بد منهم في السلطة والمجتمع معا. يفقهون ان زمن الضربة القاضية ولى وان سرطان الفساد المستشري نخر العظام فان عولج كيميائيا عاش المريض معيشة ضنكا .
رسالة هذا المقال الا نتعسف او نتحكم والا نسرق من الجيل القابل مهمته والا يطغى طموحنا على ما هو ممكن .

والله اعلم .

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *