الطريق إلى التفقه في الإسلام (2)

محور مقاصد الشريعة
مرّ بنا آنفا أن الصناعة الفقهية تمرّ حتما بمراحل ثلاث هي : فقه النص ورودا ودلالة ثم فقه مقصده أو علته وذلك بسبب أن الإسلام دين معلل مقصد مفهوم معقول المعنى عدا في الحقل التعبدي وفي جزئياته فحسب وليس في أصوله وكلياته ومن ذا فإن مهمة علم مقاصد الشريعة هي البحث عن العلة أو المقصد بإختلاف المباني المستخدمة للتعبير عن هذا المعنى وبإختلاف إستخدام كل مبنى هنا في حقله المناسب لمن بحث في ذلك من مثل الإمام إبن عاشور. والمرحلة الثالثة هي مرحلة التنزيل بحثا عن محل مناسب ومن هنا نشأت علوم فرعية لعلم الأيلولة منها فقه الموازنات والأولويات ( قديما : مراتب الأعمال ). العمود الفقري لهذا العلم هو الإستصلاح أي البحث عن المصلحة التي يريدها الشارع من إيجاب هذا التكليف أو تحريم هذا الفعل أو غير ذلك. ذلك أن أعمال العقلاء كما يقول العقلاء مصونة عن العبث وأعقل العقلاء هو الشرع الحكيم فهو صنو العقل ولذلك جاء متساوقا مع الفطرة كما حقق ذلك إبن عاشور. ومعلوم أن كلمة الأمة جمعاء قاطبة تواضعت في الغابر والحاضر على أن المقصد الأسنى من التشريع الإسلامي هو إستجلاب المصالح والمنافع للإنسان في كل زمان وفي كل مكان في عاجلته وآجلته ودرإ المفاسد عنه والأضرار في كل زمان وفي كل مكان وفي عاجلته وآجلته. من وعى هذا العنوان الأعظم فقد ظفر بمخ هذا العلم الذي قال فيه الإمام الغزالي كلاما ترتيبيا تقسيميا تبويبيا إستقرائيا لم يراجع إلى اليوم ولن يراجع فيما أظن وهو أن المصالح الإسلامية لها مستويات ثلاثة هي المصالح العليا العظمى الكبرى الضرورية التي لا قوام للحياة الإنسانية إلا بها حتما محتوما وهي كليات حفظ الدين والحياة والعقل والمال والعرض أو النسب وزاد بعضهم في الحديث ( الدكتور عبد المجيد النجار ) : كلية البيئة. والإجتهاد لإعادة هذه الصياغة التي تغلب عليها النزعة الفردية جار على قدم وساق ولكن ظني أن اللب باق بمثل ما قرره هذا الإمام العظيم : الغزالي عليه الرحمة . وتليها المصالح الحاجية التي تصاب الحياة بالحرج والعنت ـ وهو موضوع ملغي في الشريعة ـ عند فقدانها وتليها المصالح التحسينية. الغفلة عن إيقاع أي حكم سيما خارج الدائرة العقدية والتعبدية المحضة أو تنزيله في أي محل بدون النظر في مقصده أو علته مطب عظيم ولذلك بادر الإمام الشاطبي إلى إجراء أخطر عملية جراحية تشريعية إذ إستقل بعلم المقاصد لأول مرة عن علم الأصول الفقهية في سفره الأعظم ( الموافقات ) فكان فتحا أجراه الله على يديه بل سنة حسنة عظمى ثم مضى التأليف على إثره ولكنه توقف مرة أخرى من بعد إبن عاشور والفاسي ونشهد اليوم يقظة تعيد الإعتبار لهذا العلم ولكنها مازالت غضة لم تستو لتقعد هذا العلم تقعيدا. صحيح أن التيار العلماني يتسلق هذا العلم ويتسور جدرانه للغو في الشريعة ولكن قيض الله له كما فعل مع الحديث الجهابذة ينبذون عنه الشغب العلماني والحقيقة أن السلاح الأمضى لذلك هو التضلع في هذا العلم وعلوم الأصول بصفة عامة فمن صنع لنفسه مناعة ذاتية داخلية لا يعييه أن يميز بين الدجل العلماني وبين الدر الإسلامي. ولعل ما يحدث الإلتباس عند الناس أن المصلحية والإستصلاح مباني شعبية مستقذرة في العادة بل هي مطية للقول على الله بغير علم وحق ولذلك تمحض كثيرون في القديم والجديد لضبط الإتجاه المصلحي في الشريعة وحتى وإن إختلفت توجهاتهم بين مضيق ومشدد فإن العمود الفقري للإستصلاح محل تواضع بينهم. وصحيح كذلك أن الأمة ومنذ القديم في الحقيقة وقعت فريسة لتيارين : تيار يجهل المصالح ولا ينظر فيها وهو التيار الخوارجي الغابر الحاضر أو التيار الظاهري بليد التفكير وتيار العلمنة والتغريب وكلاهما دخيل على العلم الإسلامي القح الراسخ وتلك هي معركة الرواحل والعدول بتعبير محمد عليه الصلاة والسلام بمثل ما مرّ بنا آنفا

بعض مراجع مقاصد الشريعة
ــ الموافقات للإمام الشاطبي
ــ مقاصد الشريعة للإمام إبن عاشور
ــ مقاصد الشريعة ومكارمها لعلال الفاسي
ــ قواعد الأحكام في مصالح الأنام للقرافي
ــ السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها للإمام القرضاوي
ــ مقاصد الشريعة بأبعاد جديدة للدكتور عبد المجيد النجار
ــ الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الإصفهاني
ــ صناعة الفتوى للدكتور عبد الله إبن بية
ــ تعليل الأحكام لمحمد مصطفى شلبي
ــ منهج عمر إبن الخطاب في التشريع للدكتور محمد البلتاجي
ــ حجة الله البالغة لولي الله الدهلوي
ــ نظرية المقاصد عند الشاطبي للدكتور أحمد الريسوني
ــ المقاصد العامة بين الأصالة والمعاصرة للدكتور إحسان مير علي
ــ ضوابط المصلحة للدكتور سعيد رمضان البوطي
ــ نظرية التقريب والتغليب للدكتور أحمد الريسوني
ــ المنهج التطبيقي للشريعة الإسلامية للدكتور عبد المجيد النجار

محور القواعد الشرعية
علوم الفقه يمكن جمعها في محور واحد ولكن يمكن كذلك تقسيمها تبويبا إلى مجموعة من المحاور ومن ذلك أن الفقه منه ما هو فقه فروعي وفقه أصولي وفقه مقاصدي وفقه تنزيل وفقه مراتب أعمال ـ أولويات بالتعبير الجديد ـ وفقه موازنات وترجيحات وفقه قواعد وفقه مآلات أو أيلولات أو محلات وغير ذلك وليس ذلك سوى من باب التفريع الذي يحتاجه المتخصص إذ أن التخصص في كل معرفة يستوجب بالضرورة التبويب . لم يظفر علم القواعد الشرعية الأصولية بما ظفرت به المقاصد على أيدي الشاطبي وإبن عاشور خاصة ولكن هناك من خصه بمؤلفات إحتكرها لبيان تلك القواعد متوسعا أو مقتصدا وشارحا لها وهو ما يوسع أفق طالب العلم. القواعد هي مجموعات أنساق فكرية أو نظريات تلتئم في عنوان واحد كبير لتستقطب إليها مجموعة من القواعد الصغرى الجزئية أو تنتظم فيها مجموعة من الأحكام وهذا ليس خاصا بالعلم الديني الشرعي بل إن الناظر في علم القواعد الشرعية الأصولية سيما بتوسع وعمق فإنه لن يعدم أن يلاحظ بيسر أن أكثر تلك القواعد هي في الحقيقة قواعد عقلية منطقية صارمة ربما صاغ كثيرا منها علماء المنطق ومنها قواعد ظلت في الحقلين ـ المنطق والشريعة ـ هي هي مبنى وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك أو ريب أن الشريعة الإسلامية معقولة مفهومة معللة مقصدة منطقية لا طلاسم فيها ولا أحجيات وعربدات رجال دين أو كذبة ودجالين عدا أن الصورة ويا للأسف الشديد عند الناس في الأعم الأغلب على غير ذلك والذنب ليس ذنب الشريعة ولكنه ذنب من يحكم على الشيء دون إحسان تصوره تصورا صحيحا. وظيفة القواعد الشرعية هي تيسير الفهم وضبطه لأنها قواعد منطقة صارمة وبعضها جاءت بها الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الصحيحة بشكل مباشر من مثل قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) إذ أنه حديث نبوي صحيح. تلك هي علوم الفقه تتكافل جميعا في نحت الحكم تحريرا للإنسان إذ يتكافل النص مع العلة أو المقصد ثم مع القاعدة ومع مآله ومقامه وغير ذلك وكل ذلك لأجل تحرير الحكم الإسلامي الصحيح بما يحقق سعادة الإنسان في الآجل والعاجل سواء بسواء وفي كل أبعاده المادية والروحية والفردية والجماعية. القواعد الفقهية منهم من ربا بها عن المائة وكثير منها فروع عن أصول أخرى ومن المهم أن يعلم طالب العلم بادئ ذي بدء أنها هي نفسها محكومة بخمس قواعد عظمى هي رأسها الحاكم وهي المتبوعة لا التابعة فكأنها مع بقية القواعد موضع القرآن الكريم مع الحديث أو هذين مع غيرهما من المصادر التشريعية

بعض مراجع القواعد الفقهية
ــ القواعد الفقهية للدكتور مصطفى الزرقاء

محور المقامات التشريعية
هذا العلم هو الأشد غربة حتى بين أهله وخاصة في مستوى التأليف إذ أنه لم يحظ عدا بشذرات صغيرة متناثرة عند الأولين الذين كتبوا في العلوم الفقهية التائقة إلى المنزع المقاصدي ( الجويني ـ القرافي ـ الغزالي ـ العز إبن عبد السلام ـ إبن تيمية ـ إبن القيم ثم الشاطبي وغيرهم مما لا يمكن حصره ). ولكن الإمام إبن عاشور هو أول من كتب بتوسع محدود في هذا العلم الذي أسماه هو كما أسماه غيره : مقامات المشرع أو مقامات التشريع وذلك في سفره الفذ : مقاصد الشريعة. ثم مات هذا العلم وخاصة من زاوية الكتابة فيه. معنى هذا العلم هو تتبع التشريع بموضعيه : القرآن والسنة نظرا لإستنباط المقام الذي يتحدث فيه المشرع ( وهو هنا محمد عليه الصلاة والسلام ) أو لإستنباط المقام الذي يتحدث فيه الوحي بصفة عامة. لنا إذن مقامان : مقام التشريع هل يكون ترغيبا وترهيبا وليس تشريعا بمعنى التحليل والتحريم والتقنين بلغة العصر أو هل يكون بمعنى التهديد وليس إيقاع العذاب أو غير ذلك من المقامات . ومقام المشرع نفسه هل يكون في قوله ذاك أو عمله ذاك مبلغا عن ربه سبحانه فهو يلتزمه كما يلتزمه كل مؤمن ومسلم أو هو في مقام الأبوة أو الولاية العائلية أو في مقام الإفتاء الخاص أو في مقام الإستشارة أو في مقام تزكية خلقية عالية لصنف عال من الناس أو غير ذلك من المقامات التي تاخم بها إبن عاشور زهاء ثلاثة عشر مقاما ولو عاد إليها الفقهاء بهذا العلم بالتأليف والنظر لخرجت علما مقعدا يعين طالب العلم على حسن الفقه ويعين المفتي والمجتهد والفقيه على حسن التنزيل ولا ريب في أن الجهل بفقه المقامات التشريعية بمثل الجهل بفقه العلل والمقاصد أي حيف وجور

بعض مراجع المقامات التشريعية
ــ تصرفات الرسول عليه الصلاة والسلام بالإمامة للدكتور سعد الدين العثماني

محور الفقه العام
هذا المحور ( الفقه العام ) لا يقصد به العلم الفرعي بالأساس الأول والأصلي ولكن يقصد منه مجموعة من المؤلفات التي تجمع في بعض الأحيان بين الإجتهاد والإجتهاد المغاير أي الفقه المقارن وبعضها يشير بيسر إلى العلة والمقصد وبعضها مؤلفات في الإفتاء يكون بعضها مثبتا للأدلة التي إستند عليها المفتي ومنها مؤلفات عسر علي تصنيفها فأثبتها هنا. المطلوب من طالب العلم هو الإطلاع ـ بل الدراسة المتأنية ـ لهذه المؤلفات لأنه سيجني منها خيرا كبيرا بسبب نظره فيها نظرات حادجة وبسبب تقليبه إياها تقليبات هادفة وبذا يكتسب طالب العلم ما سمي حقا : ملكة العقل الفقهي . ذلك أن الفقه ملكة لا تلغي العلم بل هي تبنى بالعلم أي هي صنعة يكسبها صاحب الصنعة كما يكسب صاحب كل صنعة ملكة في صناعته. الملكة هي الدربة والخبرة والتجربة وهذه لها سبيلان : سبيل العلم وسبيل المعالجة النظرية . طبعا هناك سبيل المعالجة العملية وهذه أغنى وأخصب ولكن لا يتأتى لكل طالب علم إتياتها إذ أنها عادة ما تكون من مهمات الأئمة والدعاة والمشتغلين بالحقل العام بصفة عامة ولا أعنى أنهم بها أجدر أم لا ولكن أعني أن الملكة الفقهية تزكو كثيرا وتطيب نضجا بالممارسة

بعض مراجع الفقه العام

مراجع في الفتوى
ــ فتاوى معاصرة جزء أول للإمام القرضاوي
ــ فتاوى معاصرة جزء ثاني للإمام القرضاوي
ــ فتاوى معاصرة جزء ثالث للإمام القرضاوي
ــ فتاوى معاصرة جزء رابع للإمام القرضاوي
ــ الفتاوى الشاذة للإمام القرضاوي
ــ فتاوى الإمام مصطفى الزرقاء
ــ فتاوى الشيخ علي الطنطاوي الملقب بأديب الفقهاء
ــ فتاوى الإمام الأعظم شلتوت
ــ فتاوى الإمام إبن عاشور

مراجع فقهية ثرية ومتنوعة
ــ إعلام الموقعين عن رب العالمين للإمام إبن قيم الجوزية
ــ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ( فقه مقارن ) للإمام إبن رشد الحفيد
ــ الحلال والحرام للإمام القرضاوي
ــ نيل الأوطار للإمام الشوكاني

مراجع مذهبية
ــ رسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي
ــ كتاب الأم في الفقه الشافعي
ــ كتاب المغني لإبن قدامة في الفقه الحنبلي
ــ حاشية إبن عابدين في الفقه الحنفي
ــ كتاب المحلى لإبن حزم الأندلسي في الفقه الظاهري

مراجع أخرى مهمة في الفقه العام
ــ الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي

مراجع خاصة بمبحث فقهي معين

فقه الطهارة
ــ فقه الطهارة للإمام القرضاوي

فقه الصوم
ــ أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب العلمي للشيخ أحمد محمود شاكر

فقه الزكاة
ــ فقه الزكاة للإمام القرضاوي

فقه حج
ــ إفعل ولا حرج للدكتور سلمان فهد العودة فرج الله كربه

فقه الأسرة والمرأة والفرائض
ــ الأحوال الشخصية للشيخ محمد أبو زهرة
ــ الأسرة كما يريدها الإسلام للإمام القرضاوي
ــ تحرير المرأة في عصر الرسالة للدكتور أبي شقة
ــ الميراث والوصية بين الشريعة والقانون للدكتور صلاح سلطان فرج الله كربه

فقه عام : فقه سياسي وفقه الجهاد
ــ فقه الجهاد للإمام القرضاوي
ــ تقسيم المعمورة في الفقه الإسلامي للدكتور عبد الله الجديع
ــ الإختلافات السياسية للصحابة للدكتور محمد مختار الشنقيطي
ــ الحريات العامة في الدولة الإسلامية للشيخ راشد الغنوشي
ــ من فقه الدولة في الإسلام للإمام القرضاوي
ــ الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية للدكتور محمد المختار الشنقيطي
ــ لا إكراه في الدين للدكتور طه جابر العلواني
ــ التأصيل الشرعي للمظاهرات السلمية للدكتور محيي الدين القره داغي

محور علوم القرآن الكريم
علوم القرآن الكريم عنوان عام جامع يمكن أن يستقطب إليه عشرات من العلوم ولذلك ليس هو عنوان دقيق ولكن هكذا درج المؤلفون الذين يحصرون علوم القرآن الكريم في بعض العلوم الفرعية الجزئية من مثل المحكم والمتشابه والمكي والمدني والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد والعام والخاص وغير ذلك مما له طبيعة لسانية صرفة. وحتى لا نشوش في مستوى التسميات لأن العبرة بالمضامين وليس بها فإني أستصحب العنوان نفسه ساعيا إلى توسيع الدلالة ناهيك أن بعضهم لا يدرج علم التفسير والبيان مثلا ضمن علوم القرآن الكريم. القرآن الكريم هو أصل العلوم كلها إما بشكل مباشر كما هو الحال مع الإعتقاديات والتعبديات والأسريات وغير ذلك أو بشكل غير مباشر حيث أنه يغذي المسار العلمي الإنساني والمعرفي في كل الحقول الكونية الأخرى بالحصانة القيمية الأخلاقية التي تجعل من علومه ومعارفه مهما بدت للناس البسطاء مخالفة لعلوم الدين ساعية إلى تحقيق المقصد نفسه أي تحرير العقل الإنساني سواء من أسر الخرافات والأساطير التي نسجها الناس حول الكون وما وراء المادة أو مما يجعل الإنسان رقيقا بخسا في حضرة آلهة أخرى مزعومة. القرآن الكريم هو الموئل وهو المرجع وهو المتبوع لأنه كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم أي للتي هو أوسط وأيسر وأعدل وأوزن في الحياة كلها ولذلك ترد إليه كل العلوم والمعارف دينية وكونية إما للإتباع بلا إبتداع أو للإبتداع حيث لا إتباع والمعول عليه في الأمرين هو تحصين النفس من غوائل القيم السافلة من مثل الكبر والعجب والعلو أو من مثل الهروب إلى الكهوف والتسربل بالسلبية

بعض المراجع في علوم القرآن الكريم
ــ تفسير التحرير والتنوير للإمام إبن عاشور
ــ التفسير التوحيدي للدكتور حسن الترابي
ــ كيف نتعامل مع القرآن الكريم للإمام القرضاوي
ــ كيف نتعامل مع القرآن الكريم للشيخ محمد الغزالي في مدارسة مع عمرعبيد حسنة
ــ المحاور الخمسة للقرآن الكريم للشيخ محمد الغزالي
ــ البوصلة القرآنية لأحمد خيري العمري
ــ النبأ العظيم للشيخ عبد الله دراز

محور علوم الحديث والسيرة
هناك كتب الحديث وهناك كتب علوم الحديث. المقصود بعلوم الحديث فقه الحديث سواء من حيث سنده أو علم الرواية كما يقولون أو من حيث متنه أي علم الدراية وكلاهما مشروط لفقه الحديث. مفخرة الأمة الإسلامية التي هي فريدتها في التحقيق العلمي الموضوعي العظيم هي ( علم الرجال أو علم الجرح والتعديل ) وفيه مصنفات وله جهابذة قاموا على تنقية المدونات التي ناهزت العشرين من الموضوعات والمنخولات والواهيات. لم يحدث هذا في أي أمة حيال تاريخها وتراثها وكسبها أبدا مطلقا. وذلك من أثر حفظ الذكر الذي تكفل به هو سبحانه وحفظ المبين ( إسم فاعل ) وهو السنة والحديث مقتضى من ألصق مقتضيات حفظ المبين( إسم مفعول ) وهو القرآن الكريم فلا غرو أن يقيض الله للسنة والحديث جهابذة. ذلك أن العمل مع السنة والحديث مضاعف بالقياس إلى القرآن الكريم الذي لا يتطلب سوى علم الدراية أما الرواية فهي محفوظة حفظا إلهيا. أما الحديث والسنة ( وكلاهما يعبر عن مسمى واحد ) فهو يتطلب عملا كبيرا في الرواية لأجل إمتحانها بأدوات المحدثين من صحة سند غير منقطع أو معضل أو مرسل ومن ضبط راو وعدله كما يتطلب عملا كبيرا آخر في الدراية والعملان يتكافلان ويحيل أحدهما إلى الآخر وبذلك يترشح الحديث لبناء حكم شرعي عليه. السيرة شيء آخر ولكنه لصيق بهذا بشدة إذ أن السيرة هي قوله وعمله وإقراره وربما صفته كذلك منذ ولادته حتى موته عليه السلام أي حتى في المرحلة التي لم يكن فيها نبيا أما السنة فهي ما صدر عنه من قول أو فعل أو إقرار وهو نبي يوحى إليه ولكن هذه المرحلة النبوية تخللها ما سمي سيرة وهو عادة ما يأتيه إجتهادا في حالات السلم والحرب والمصالحات وغير ذلك أي تنزيلا للوحي الكريم بحسب ما تسنى له له زمانا ومكانا وحالا وعرفا وقوة وضعفا وكثرة وقلة. السنة والسيرة متجاوران ومتداخلان ومتكافلان ولكن الناس عنوا عناية لم تحظ بها أمة من قبل قط بالسنة ضبطا عجيبا ولكنهم لم يفعلوا ذلك مع السيرة لعلمهم أن السيرة ليست ملزمة إلزامية السنة عدا للمصلحين في الحقول السياسية والإجتماعية وغيرها وهو ظن وجيه وفي محله وبسبب أن السنة تبين القرآن الكريم بيانا دينيا عادة ما يكون أثره تعين حكم شرعي وهذا نفسه في إرتباط وثيق مع ما مرّ بنا آنفا أي علم المقامات التشريعية التي يكون عليها عليه الصلاة والسلام. يجدر بطالب العلم الإطلاع أو دراسة المحلات الثلاثة : الحديث في مظانه المعروفة ـ فقه السنة وعلوم الحديث وخاصة دراية إلا أن يتخصص في الرواية ـ السيرة بغرض إستخلاص الدروس منها ومعرفة المعالجات النبوية في رجحانها ودقتها وعدلها

بعض المراجع في السنة والسيرة
ــ مقدمة إبن الصلاح لصاحبها إبن الصلاح
ــ تحرير علوم الحديث للدكتور عبد الله الجديع
ــ لمحة من تاريخ السنة وعلوم الحديث لأبي غدة
ــ المدخل لدراسة السنة للإمام القرضاوي
ــ السنة مصدرا للمعرفة والحضارة للإمام القرضاوي
ــ العقل والفقه في فهم الحديث النبوي للدكتور مصطفى الزرقا
ــ السنة بين أهل الحديث وأهل الفقه للشيخ محمد الغزالي
ــ السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم العمري
ــ فقه السيرة للدكتور البوطي
ــ معالم السنة النبوية للشيخ صالح الشامي
ــ رياض الصالحين للإمام النووي
ــ الترغيب والترهيب للمنذري بتحقيق الإمام القرضاوي

محور فكري ثقافي عام
المقصود من هذا المحور هو الإطلاع الراسخ والواسع على الأفكار المعاصرة سواء كانت تفريعات لأفكار إسلامية بلغة معاصرة تجابه هجومات معاصرة أو كانت لأفكار غربية المنشأ ذلك أن(التفكير فريضة إسلامية ) كما كتب العقاد عليه الرحمة وأن الإسلام نفسه مجموعة من القيم الفكرية تضبط العلاقة الصحيحة بين الإنسان وربه وبين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وأخيه الإنسان فلا مناص إذن من التفكير لأن الإنسان مكرم بعقله ويقاد من فؤاده وهو كائن مفكر بإمتياز شديد. المقصود هو عدم حبس النفس في الصياغات القديمة والمعالجات الغابرة والتحديات العتيقة لأن التحديات الفكرية تتجدد بتجدد الليل والنهار والشمس والقمر فلا مناص إذن من الإنفتاح الفكري الذي يستوعب الجديدات ويعالجها بمحكمات التفكير الإسلامي. النكبة هنا هي أن في الأمة رجالا سجنوا أنفسهم في الغابر القديم معنى ومبنى فهم غرباء اليوم وهي غربة يمكن أن تفضي بهم إما إلى المأوى إلى كهوف الإعتزال أو إلى الرفض الحاد للمجتمع المعاصر ومن هنا تبدأ مشكلة التكفير والمعالجات غير الحضارية للمخالف وآخرين سجنوا أنفسهم في الجديد الحديث دون جذور أصلية تشد بناءهم بالراسخات الفكرية وبسبب إحتدام المعركة بين الفسطاطين يكاد الصوت الإسلامي الوسطي المعتدل المتوازن يغيب أو يفرض عليه الغياب. فريضة عينية على طالب العلم الإسلامي أن يتشبع من الأصل والعصر معا وأن يظل راسخا في محكماته منفتحا على محيطه لأن الفكر وظيفته شد الإعتدال من جهة ومعالجة التحديات المعاصرة من جهة أخرى وليس هو ترف باذخ على طريقة فلاسفة اليونان . كل ما في الإسلام ليس له من هدف عدا تحرير الإنسان ونشدان سعادته وضبط حياته وفق فطرته ووفق السنن الصارمة التي بثها الله سبحانه في كونه وخلقه. تحديان كبيران يواجهان المسلم اليوم في الحقل الفكري : التحدي السلفي المغشوش الذي يجعل التاريخ نموذجا للنهضة الإسلامية المنشودة إذ قصر أفقه على ما جاد به التاريخ دون إرتباط وصلي وطيد مع الأصول الإسلامية المحكمة وهو تحد يستقطب إليه ملايين من الشباب المتدين الحديث الذي أرهقته الطاحنات الحديثة فما أغراه التدين التقليدي الأسطوري الخرافي وما أغرته العلمانية وهو في العادة شباب محدود الثقافة دينيا وواقعيا فهو يلهث وراء كل ناعق بالشعارات العامة من مثل ( العودة إلى السلف الصالح والفرقة الناجية وأهل السنة والجماعة ) وغير ذلك وكأن سلفنا ليس فيه من أطلح الطالحين ما يكفي لنقده . والتحدي العلماني التغريبي الإستلابي الذي تمكن لأسباب تاريخية وسياسية وإجتماعية قبل عقود من ناصية التوجيه والتأثير في المجتمعات العربية والإسلامية فصاغ المقررات الدراسية والتربوية والإعلامية على أغراض ( اللحاق بركب الأمم المتقدمة والمتحضرة ) وأن الغرب المتقدم ما تقدم سوى لأنه هجر الدين الذي هو حزمة من الخرافات والأساطير والخزعبلات التي لم يعد لها مكان في زمان ( غزو الفضاء ) وثورة التواصل وغير ذلك. هذا المد إستقطب إليه كذلك لفائف واسعة من الشباب وخاصة في العقود المنصرمة وخاصة في الصف المتعلم والمثقف. وبين التيارين لفيف هو الأوسع من المتدينين التقليديين الذين هم فكرا أقرب إلى الأسطورية الخرافية التي لا يعني الدين عندها سوى أنه عرف أو تقليد أو عادة أو ملجأ نفسي يجفف منابع الجزع حال الفزع. وصنف آخر من التدين الصوفي الذي يؤثر الهروب والفرار والكهوف بزعم أن الزمان هو زمان الخلاص الفردي. وتولدت مع الأيام تدينات أخرى تداخل فيها الديني مع السياسي تداخلا سيئا وأفضل مثال على ذلك بعض ضروب التدين الشيعي بوجهه الطائفي السياسي وليس بوجهه الفقهي الإجتهادي الذي لا يختلف عن بقية المذاهب مصدرية ومعالجة. هذه الضروب الفاسدة من التدين تحتاج إلى منهاج فكري وسطي معتدل متوازن يعالجها ليكون الإسلام في الناس محررا ومعتقا وإيجابيا يعمر الأرض بقيم الحق من عدل وقسط وكرامة وتعارف وإعتراف بالإختلاف وغير ذلك ولذلك لا بد من العناية بالعقل بمثل العناية بالجسم إذ أن الإصلاح بكل وجوهه وحقوله هو إصلاح فكري ثقافي بالأساس الأول

بعض المراجع الفكرية
ــ التفكير فريضة إسلامية لعباس محمود العقاد
ــ ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين للشيخ الندوي
ــ البناء الفكري للدكتور فتحي الملكاوي
ــ ما بعد السلفية لأحمد سالم عمر بسيوني
ــ مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي لمالك بن نبي
ــ نقد العقل العربي للدكتور عابد الجابري
ــ المحنة العربية : الدولة ضد الأمة للدكتور برهان غليون
ــ الشهود الحضاري للدكتور عبد المجيد النجار
ــ العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة للدكتور عبد الوهاب المسيري
ــ تفكيك العلمانية للدكتور رفيق عبد السلام
ــ الإسلام بين الشرق والغرب لعلي عزة بيكوفيتش
ــ الإسلام كبديل لمراد هوفمان
ــ شمس العرب تسطع على الغرب لسغريد هونكه
ــ تجديد الفكر الديني لمحمد إقبال
ــ نقد العقل المسلم للدكتور عبد الرحمان حبنكة الميداني

محور الكلام
علم الكلام ( ويسمى علم العقيدة أو التوحيد وغير ذلك ) ليس لازمة ضرورية ولكنه من باب توسيع الإطلاع ومد الأفق الذهني وخاصة من باب الإطلاع على الحضارة الإسلامية في العهد العباسي الذي إمتد بكل فصوله لأزيد من خمسة قرون كاملات كيف إستوعبت النظر العقدي المختلف وهي ترجع إلى أصول عقدية ستة لا سابع لها بأثر من الحرية الفكرية المنداحة وكيف أن العقل الإسلامي عندما ينداح تفكيره مشدودا إلى جذر عقدي أو فكري واحد ثابت راسخ يمكن أن يساهم في دورة التنوع التي هي سنة إلهية ماضية. التيارات السلفية التي تضيق بعلم الكلام وتشن عليه الحروب الضارية لم تدرك من تلك السنة شيئا وذاك موطن عجزها الفكري إذ أن من يجهل مجموعة من السنن المبثوثة في الكون إرادة إلهية ماضية مطردة لا تتخلف لن يكون وريثا لأمة الإسلام ولا لحضارة الإسلام ولن يعالج مشكلات الناس بالمنهج الإسلامي الذي يهديهم به الله سبحانه أو يقيم عليهم الحجة أو ينسج معهم أمنا وسلاما. علم الكلام هو المعرفة الإسلامية التي نشأت بالأساس الأول لمواجهة التحدي الفكري العقدي الأكبر الوافد من الحضارة اليونانية ثم تلقحت قليلا بالعقائد النصرانية واليهودية. لم يكن علم الكلام ترفا فكريا كما يهرف كثيرون اليوم ولكن كان في موطن الحربة من الدفاع عن العقيدة الإسلامية فضلا عن إيجابيات أخرى لا يتسع لها المقام هنا. نشأت مدارس كلامية ربما تشبتث الأمة منها بالمدرسة الأشعرية بسبب أنها ـ كما يقول المحققون الجادون ـ التعبير الفلسفي الكلامي بلغة الفلسفة والكلام عن منهج أهل السنة من المذاهب الفقهية المعروفة. ظل كل ذلك نخبويا ولذلك يستهوي إنكار التيارات السلفية المغشوشة هنا لفائف واسعة من المتدينين التقليديين الذين لم يقرؤوا ولم يطلعوا ولم يعلموا. ما يهمنا هنا هو أن علم الكلام واجه التحدي اليوناني بجدارة فرده على أعقابه ولكن المشكلة هي أن الصحوة الإسلامية المعاصرة ـ صحوة التدين بكل لفائفها ـ لما قامت ألفت مدونات مشبعة بعلوم ومعارف منها علم الكلام وبدل أن تضع كل ذلك في إطاره التاريخي وملابساته الحافة به قفزت على مسافات الزمان والمكان والحاجة وراحت تستجلب تلك المعارك الكلامية مسقطة إياها على واقعنا المعاصر الذي تبدل وتحول وتغير بنسبة كبيرة جدا وجدت فيه تحديات عقدية وفكرية وثقافية أخرى ليست من جنس الأولى لأن الخصم الأول أي اليونان إنقرض وإنبجست منه مدارس غربية معروفة ونشأت خصوم أخرى لعل أخطرها الإستبداد المتسربل بالدين وتحديات أخرى ليس هنا أرب إحصائها ولكن المقصود هو الحفاظ على النظر الفلسفي الكلامي بغرض مواجهة التحديات العقدية والفكرية المعاصرة وتلك هي فريدة الإسلام أنه يحتوي على مساحتين ( راسخة ثابتة ومرنة متحولة ) بغرض القدرة على إستيعاب كل التحديات والجديدات مهما كانت ومهما كان أهلها. من وعى هذا فقد وعى علاقة الإسلام بالزمان والمكان ومن جمد على القديم الغابر فهو إما ملغ لعلم الكلام ولجزء كبير من تراثنا أو مسقط إياه على واقع غير واقعه. وأكتفي هنا في المراجع على ما يعطي طالب العلم فكرة صحيحة وافية ضافية على نشوء هذا العلم وتطوره ومختلف مدارسة ولمن شاء بعد ذلك التخصص فيه فهو أولى وله مراجعه الأخرى ولكن المؤكد أن الإلمام من لدن طالب العلم بهذا العلم مهم ومفيد وضروري في عالم الإنفجار المعرفي

بعض المراجع
ــ مناهج البحث عند مفكري الإسلام للدكتور سامي النشار
ــ تطور الفكر السياسي عند أهل السنة لخير الدين يوجه سوى

محور التاريخ
ليس العلم بالتاريخ شرطا مشروطا للتفقه في الدين ولكنه من باب توسيع آفاق طالب العلم ومعرفته للإسلام الإجتماعي والسياسي أي بمثل ما نزله المسلمون مجتمعات وأقواما وحكومات ودولا على مر الأيام. تنبع أهمية العلم بالتاريخ ـ البشري والإسلامي سواء بسواء ـ من كون القرآن الكريم نفسه خصص ثلثه بالكامل لقص التاريخ على الناس وذلك بقصد إجتناء العبرة ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ){22} كما قال سبحانه في آخر سورة يوسف عليه السلام إذ تمحضت بالكلية لقصته. هذا محور يمكن أن نسميه محور العمران والسياسة وفقه التغيير وسنن النهضة وأسباب السقوط ذلك أن التاريخ يدرسه المسلم ليس تسليا ولا تمضية وقت وإنما لإجتباء العبرة . لا يسمح الوقت هنا في هذا الكراس الذي لا أريد لقلمي فيه أن يندلق بالتعرض لهذا الضرب من الفقه وأحيل طالب العلم إلى بعض المصادر والمراجع وأصحها : القرآن الكريم الذي تمحض بثلثه ( والثلث كثير كما قال عليه الصلاة والسلام ) لقص التاريخ علينا تعويلا على إستلهام العبرة. ذلك أن الأمم تصعد وتهبط بحساب سنن ونواميس وقوانين عمرانية سياسية إجتماعية صارمة لا تحابي ولا تجامل ولا تعادي فمن وعاها ـ وهي مبسوطة بيسر عجيب في القرآن الكريم ـ ساهم في شد إزر قومه ومن تنكبها تنكبته ولا تبالي. ذلك هو الأمر الذي تمحض له بالكلية تقريبا علم من أكبر أعلام تاريخنا أي العلامة عبد الرحمان إبن خلدون وجدير بطلبة العلم ألاّ يفوتهم أبدا دراسة ذلك. ذلك أن الإصلاح فريضة علينا جميعا وللإصلاح سبيل فيه معالمه وهي مبثوثة في القرآن والسنة وما إنبجس منهما من مؤلفات قيمة وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب أي إذا كان الإصلاح فريضة أن تنهار الأمة من بعد إنبناء وتشييد فإن العلم بشروط الإصلاح وسبيله وآدابه وأعرافه وعلومه ومعارفه يغدو واجبا إذ لا يتم الواجب الأصلي إلا به. صحيح أن التاريخ لا يسلم أبدا من الشغب عليه فهو عادة ما يزور ويزيف ولكن القرآن الكريم كفل لنا التاريخ الصحيح وإقتصد الذكر في السرد وشدد على السنن وما أعقبه من مؤلفات ضخمة لا تحصى ( البداية والنهاية لإبن كثير مثلا ـ تاريخ الطبري وغيرهما ) شملت الغث والسمين كليهما ولكن هناك محطات تاريخية ـ في تاريخنا نحن خاصة ـ لا خلاف عليها كما هو الحال في السيرة ـ التي يصنفها بعضهم في خانة التاريخ ـ إذ فيها محطات صحيحة حتى عدا تلك التي ذكرها القرآن الكريم وهي في أعلى درجات الصحة وفيها محطات موضوعة أي مكذوبة ولكنها لا تؤثر في الدرس العام والإتجاه العام إذ أن ما لا بد من صحته غدقا مغدوقا تكفل به حافظ الذكر سبحانه سواء في القرآن الكريم أو في الحديث وما عدا ذلك تظل مترددة بين هذا وذاك دفعا للعقول أن تشحذ ناشدة الصواب ولقانون التدافع أن يعمل

بعض مراجع التاريخ
ــ مقدمة إبن خلدون لعبد الرحمان إبن خلدون
ــ التاريخ الإسلامي للشيخ محمود شاكر

محور الأخلاق والسلوك
هذا محور ليس من صميم العلم والفقه ولكنه علم من ضرب آخر وفقه من نوع آخر. هو علم القلب ومعرفة النفس أو هو علم الأخلاق كما يسمى أو التصوف كما سمي من بعد ذلك أو معارف السلوك وغير ذلك من التسميات التي تكثر ولا تعنينا إنما يعنينا المعنى وليس سواه. الإسلام رسالة أخلاقية قحة دون ريب ولذلك تلونت نصوصه بالترغيب والترهيب كثيرا وخاصة في الحديث والسنة. المؤكد أن الأخلاق مطلوبة ولكنها لا تقوم بالحياة بدون علم ومعرفة وفقه ومن ذا وحدبا على قانون التوازن في الإسلام كان لا مناص من الإلمام بعلم الأخلاق وبعلم الجارحة معا سواء بسواء فهما صنوان صنوة القرآن للميزان أو الكتاب للحكمة. علم الخلق أو السلوك لا يتطلب معرفة كبيرة واسعة لأن جزءا كبيرا منه فطري جبلي غريزي ولكن لا بد من حد أدنى من ذلك ولكن المعول عليه هنا هو تأديب النفس وترويضها يوما من بعد يوم وإبتلاء من بعد إبتلاء حتى تستقيم على مقتضى تلك الأخلاق وهي معركة طويلة وقاسية ومضنية لا تخمد ولا تخبت. إخترت كتابين فحسب أحدهما حول فلسفة الأخلاق والآخر عملي حول الخلق نفسه. لا حاجة لك أن تكون صوفيا حتى تمتلك خلقا عاليا ولا حاجة لك إلى التهافت على تقمص الألقاب والأسماء والشعارات إذ العبرة بالقلب و ونبضه. أشد الناس خلقا مع الله ومع النفس ومع الناس أي الصحابة الكرام الذين زكاهم الله نفسه سبحانه لم يخلعوا على أنفسهم مثل هذه الألقاب والأسماء ( صوفي و سلفي و أشعري ومستنير ). إنما عمدوا إلى لب الخلق فوطنوا عليه النفوس

بعض مراجع الخلق
ــ فلسفة الأخلاق للدكتور عبد الله عزام
ــ أخلاق الإسلام للإمام القرضاوي

محور التلاوة
علم التلاوة ( أو القراءة أو التجويد أو غير ذلك من الأسماء ) ليس علما نظريا في الأصل بل هو علم عملي تطبيقي يحتاج إلى معلم يقتدى به في تقويم اللسان لحسن إخراج الحرف متسربلا بصفته وغير ذلك من فقرات ذلك العلم فمن وعى ذلك بحد نظري أدنى لا يتطلب عدا أسابيع قليلة ما عليه إلا أن يشتغل مع لسانه دربة يومية بمثل ما يشتغل مع نفسه دربة يومية على الخلق الطيب الكريم ذلك أن أقلمة اللسان ـ سيما إذا تقدم المرء في العمر ـ على مقتضى المخرج الصحيح والصفة الصحيحة لكل حرف يحتاج لشهور طويلات ثم يكون له ذلك سجية إذ أن العضو ـ ماديا كان أو معنويا ـ ينضبط بالدربة المتدرجة الجادة فإن قوّم يتقوم وإن أرسل يرسل فهو كالطفل كما قال البوصيري ( إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم). هذا العلم مستويان : مستوى المسلم الذي يقتصد فيه على حسن النطق وصحة المخرج فهو لا يحتاج نظرية بل يحتاج عملية فحسب. ومستوى المعلم الذي يتولى تعليم غيره فهذا يحتاج إلى إستيعاب علوم التلاوة ومعارف القراءة حتى يتمكن من تعليمها الناس. المستوى الأول فرض عين إلا على أمّي مسنّ أما المستوى الثاني فهو فضل يحتاج إليه الأئمة والدعاة والعلماء والفقهاء والمجتهدون كل بحسب حاجته إليه. أقصر فيه على أمه الجامع وعمدته الذي لا خلاف عليه وهو من جنس المتون

مراجع علم التلاوة
ــ النشر في القراءت العشر لإبن الجزري

مراجع أخرى مهمة و ضرورية خاصة في الحقل الفقهي والفكري
ــ إصدارات المجلة العلمية للمجلس الأروبي للإفتاء والبحوث : زهاء ثلاثين إصدارا حتى الآن
ــ إصدارات الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهي قليلة العدد
ــ إصدارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي ( أمريكا ) وهي منتقاة بدقة وعناية
ــ إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية ( ذو توجه قومي وإصداراته مفيدة ومتخصصة ). أجل

خلاصات
أوّلا : الدين ( الإسلام ) لن يزال إرادة إلهية لا تلغى عاملا مؤثرا في صياغة الفكر والثقافة والسلوك والتحضر والترقي والتمدن وشرطا مشروطا للتحرر ومغالبة الإتجاهات الآسرة للإنسان وهو في أيامنا هذه ـ بما هو تدين ـ في حالة صعود وتدشين دورة حضارية جديدة. الدين يتطلب علما ومعرفة وفقها ووعيا وحكمة في التنزيل والتنفيذ وسوء تلقيه يجعله سلاحا يستخدمه رؤوس الجهل كما سمّاهم عليه الصلاة والسلام في حديث آنف الذكر في هذا الكراس. الإسلام اليوم هو سرّة الحديث في الأرض كلها بغض النظر عن مبعث الإهتمام. من ذا فإنه على الشباب المسلم أن يتهيأ لهذه المرحلة التي تقتضي منه الجاهزية الكاملة علما وعملا معا وهي مهمة أجيال في إثر أجيال. هذا هو بعض معنى وعده سبحانه الماضي ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله).{23} وعود الله لا تتحقق بالمعجزات بل تتحقق بمعجزة واحدة إسمها : الإنسان. فكن أنت ذاك
ثانيا : رحلة العلم والفقه طويلة وشاقة ومضنية شأنها شأن كل رحلة حتى في المستوى المالي ولا بد لها من عامل الزمن والتعاون والمصابرة بلا كلل ولا ملل إلا إستراحة مقاتل. طالب العلم سيجد أمامه ألف ألف عائق فلا يكن صبرك لتحقيق مسكن أو عنوان أعلى من صبرك لتحقيق أفضل عنوان : طالب علم مثابر
ثالثا : كل ما ذكر وما لم يذكر من زاد الرحلة يمكن أن يذلل عدا أن شرطا مشروطا لا بد منه لأن أكثر طلبة العلم اليوم لا يعيرونه ما يستحقه من إهتمام وهو شرط حيازة المنهاج الأنسب لطلب العلم الشرعي. بدون منهاج صحيح قد تقطع سنوات ضوئية ولكنك لن تفوز بشيء يذكر بالمعيار العلمي الصحيح وقد ذكرت بعضا من معالمه إذ لكل شيء منهاجه المناسب له. ليس مطلوبا منك بداية أن تكون عالما تكدس العلوم والمعارف في رأسك كأكوام التبن. المطلوب منك أن تعي هندسة الشريعة ومراتبها ومستوياتها وفلسفتها وحكمتها ومقصدها الأسنى وقواعدها العظمى وأصولها الكبرى ومبادئها اللازمة وأولوياتها وكبائرها وصغائرها ومقدماتها ومؤخراتها فهي كائن حي ككل كائن حي وهي منتظمة متوافقة متجانسة يفضي بعضها إلى بعض في إنسياب عجيب ومجهزة بمخارج للطوارئ وغير ذلك مما تجده فيها من تنظيمات وترتيبات عندما تدرس تلك الهندسة العجيبة. ذلك هو المطلوب الأوّل منك. إذا حذقت هذا إنطلق في رحلة الجمع وعندها سيؤول كل علم جديد إلى مكانه المعروف. ع هذا يرحمك الله وعيا صحيحا وحادا
رابعا : كن كحبر الأمة الأعظم سؤولا عقولا. ثق أن من يسأل ـ في الدين والدنيا سواء ـ يصل ولو بعد لأي ومن لا يسأل فقد حبسه ـ في الأغلب وليس دوما ـ حابس الكبر أو الكسل. السؤال طريق العلم كما مرّ بنا مع صاحب منزلة الخلة الرحمانية ومع أحد أحفاده موسى عليهما السلام صاحب منزلة التكليم الإلهي. سل نفسك وسل الكون من حولك وسل من تراه أعلم منك أو أفقه أو أحكم أو أذكى. لا تكن سائلا بل سؤولا. ولا تكن عاقلا بل عقولا. العقل غربال لا ينفذ منه لصاحبه إلا العسل المصفى. أما السمع والبصر فهو يلتقط كل شيء
خامسا : أحصيت هنا أزيد من مائة مرجع أو مصدر وهو عدد ربما يظنه غير طالب العلم كثيرا وبعد قطع شوط في رحلتك سترى أنه عدد قليل لا يغني. هذا أمر يعاش ولا يحكى كما يقولون. إجتهدت فيها إحسانا ولكن بحسب إطلاعي وهو حسير وقصير دون ريب. حاولت الإقتصار والإختصار ما إستطعت فإن ألفيت ما هو خير منها فلا تتردد. المهم هو إمتلاك المنهاج وليس كميات المقروء والمسموع. بفؤاد عقول تكون فقيها كبيرا حتى لو كانت معارفك قليلة ولكن العكس لا يكون أبدا. بعض المراجع المبثوثة أعلاه تصلح لأكثر من محور ومجال فلا تؤاخذني إن وثقتها هنا وليس هناك. إنفتحت قليلا عن بعض المراجع من غير المسلمين وهذا مطلوب وليس عيبا في المحاور الفكرية عدا أنه مشروط بتحصيل المناعة العقلية الذاتية التي تعمل عمل الكرويات البيضاء في الدماء تطرد الدخيل وترحب بالنافع المفيد. كما آثرت بعض العلماء عن غيرهم ومنهم كما رأيت الإمام القرضاوي وما ذلك سوى لأن الرجل أوتي ما لم يؤتاه غيره إلا قليلا أي : السهل الممتنع فهو يكتب بقلم سلس مفهوم وبلغة العصر وليس بعجمة المدونات وهو قد غاص في أعماق الأعماق فجنى لنفسه ولي ولك تلك الأطباق الشهية اللذيذة بقلم سلس وبلسان العصر وتلك هي مزيته العظمى. كما أحلتك على بعض المؤلفين الذين يختلف في صحة إنتمائهم. إنتماؤهم للأمة لا غبار عليه وذلك هو الشرط الأكبر. إنتماؤهم لما عدا ذلك ( الدكتور الجابري مثلا أو برهان غليون ) ليس مهما هنا لأن الأحالة إليهم كانت في المحور الفكري ومطلوب هنا أن تفتح سمعك لكل متحدث وأن تقرأ لكل كاتب

الهوامش
أوّلا : سورة التوبة الآية 122
ثانيا : متفق عليه عن إبن عمر
ثالثا : سورة فاطر الآية 28
رابعا : أخرجه البخاري عن عثمان
خامسا : متفق عليه عن معاوية
سادسا : رواه أبو أمامة
سابعا : أثر صحيح
ثامنا : متفق عليه عن إبن عمر
تاسعا : أخرجه البيهقي والحاكم وبعض أهل السنن عن أبي هريرة
عاشرا : أخرجه البخاري عن عبد الله إبن عمرو إبن العاص
الحادي عشر : أخرجه مسلم عن عبد الله إبن عمرو إبن العاص
الثاني عشر : أخرجه أبوداود عن أبي هريرة
الثالث عشر : رواه مروان إبن الحكم
الرابع عشر : سورة الحديد آية 25
الخامس عشر : سورة الشورى آية 17
السادس عشر : سورة الأنعام الآية 101
السابع عشر : أخرجه الطبراني عن إبن مسعود
الثامن عشر : أخرجه الترمذي وإبن ماجة عن أبي هريرة
التاسع عشر : أخرجه مسلم عن تميم إبن أوس الداري
العشرون : رواه أبو هريرة
الواحد والعشرون : سورة النساء الآية 59
الثاني والعشرون : سورة يوسف الآية 111
الثالث والعشرون : سورة التوبة الآية 33

الهادي بريك ـ ألمانيا

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *