أم يوم علمتنا أن اليقين في الله سبحانه هو إكسير الحياة ووقود الرحلة وذخيرة المعركة؟ ألم تقل لصاحبك وأنتما في الغار والشرطة الدولية لقريش تبحث عنك وصورتك معلقة في كل المخافر والجوائز المرصودة لجلبك أو الدلالة عنك تجعل اللعاب سائلا أنهارا وغدرانا : ما ظنك بإثنين الله ثالثهما ؟ كلمة لا شك أنك تتبع فيها أخاك موسى عليه السلام وهو يبعث الأمل في بني إسرائيل وفرعون يغذ السير خلفهم غذا : كلا. إن معي ربي سيهدين. ألم يسجل الوحي هذا المشهد العظيم : إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا. أنت الإمام الذي يبعث اليقين ويوقد الأمل ويوري الثقة في الله أوّلا وفي الإنسان ثانيا. بلا يقين وبلا أمل وبلا ثقة في الله أوّلا وفي الإنسان ثانيا تغدو معركة الحياة خاسرة ويغدو الإنسان فيها مهزوما قبل أن يصعد إلى الحلبة
أم يوم علمتنا الجمع بين الأدب الجم وبين كرامة الإنسان توسطا وإعتدالا وتوازنا عجيبا؟ ألم نخبر عنك أنك إذا دخلت على قوم بعضهم وسنان ـ أي في الدرجة الأولى من النوم ـ وبعضهم يقظان تسلّم عليهم تسليما لا يوقظ وسنانهم ويسمع يقظانهم؟ لم أجد لسانا يعبر عن هذا المشهد العجيب الكريم العظيم. لم أجد الكلمات الوفية له. إكرامك الإنسان أن تسلم وإكرامك الإنسان ألا تحرمه حقه في النوم وإكرامك الإنسان أن تتوسط بطريقة معتدلة متوازنة يأخذ فيها كل منهما حقه. لله درك يا محمد. كرامتنا بك أشد كرامة
أم يوم أخبرنا ربك عن حرصك على الإنسان؟ ألم تكن تبخع نفسك ـ أي تهلكها ـ ألاّ يؤمن الإنسان؟ ألم تكن تذهبها حسرات على الذين لا يؤمنون؟ أليس ذلك من فرط حرصك على الإنسان.؟ ألم يكن يكفيك أن تدعو إلى ربك كما أمرت ثم تفيئ إلى بيتك مستريحا. لا. هذا شأن الدعاة الذين يدعون الناس بعقولهم وليس بقلوبهم كذلك. أنت الداعية الذي يحدث الناس بحديث القلب قبل حديث العقل. أنت تعرف حر نار جهنم ولذلك لا يغمض لك طرف ألاّ يؤمن هذا الذي قضيت معه يوما أو عاما أو أكثر أو أقل. أنت النبي الإنسان الأحرص على الإنسان وكفى يا محمد .