أي أيامك أجمل يا محمد ؟ ( 7 )

أم يوم علمتنا قيمة الإخلاص. ذلك الشعور الصافي الذي يغسل أدران الفؤاد كما يغسل الماء أقذار الأرض. علمتنا الإخلاص في أجلى أغواره إذ ظللت تناجي ربك بدعاء ضارع خاشع وأنت عائد من الطائف طريدا وحيدا شريدا من بعد أن أغروا بك صبيانهم وسفهاءهم. تعروا حتى عن عروبتهم في شهامتها وكرامتها ووفائها وإقرائها الضيف ومروءتها بمثل ما تعرت قريش إذ قتلت إمرأة على غير عادتها أن إختارت بحرية تامة دينها أي سمية أول شهيد في الإسلام. كان يمكن لك يا محمد أن تجيب دعاء جبريل فيطبق عليهم الأخشبين أن طردوا نبيا يدعوهم بالرفق إلى الخير. كان يمكن لك أن تدعو الله عليهم. ولكنك دعوت لهم. شأنك دوما يا محمد يا كبير الكبراء. هذا الدعاء الخاشع الضارع الذي حمّلت فيه المسؤولية لنفسك وليس للمعرضين. هذا الدعاء لو لزمناه لخلصت قلوبنا لربك ولربنا يا محمد. „ اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. أنت رب المستضعفين وأنت ربي. إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتجهمني أم إلى بعيد ملّكته أمري. إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت عليه السماوات والأرض وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحلّ بي غضبك أو يتنزل عليّ سخطك. لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين”. دعاء ضارع خاشع خالص منيب لسان حالك فيه يقول : هذه هي معركة الحياة فلا فائدة في إلقاء اللوم على أحد. حتى على المعرضين أنفسهم الذين كذبوا نبيا وليس داعية والذين أساؤوا رفادة عربي منهم وهم المعروفون بإقراء الضيف. ذلك هو مخ الإخلاص لمن ينشد الإخلاص

أم يوم علمتنا خلق الوفاء. ذلك الخلق الذي به يكون الإنسان إنسانا وليس حيوانا مفترسا. أنت بشر مثل كل بشر يا محمد. تشعر بحلاوة التقدير وتستهجن قذارة التوهين. بشر مثل كل بشر تتألم وتبكي وتضحك وفيك ما في كل البشر. سوى أن الله حباك بنفس عالية وهمة أعلى بما يجعلك تتعالى عن الجراحات مهما كانت ثخينة. علمتنا خلق الوفاء يا محمد عندما ضحيت بإبن أخيك علي عليه الرحمة والرضوان إذ جعلته فداء لك يبيت في مضجعك ليقضي عنك ودائع قريش التي أودعتها إياك. ورب الكعبة يا محمد لو لم يكن فيك عدا هذا الوفاء لكنت لنا إسوة وقدوة وسراجا منيرا. كيف وقد جمعت من الخلق الطيب العظيم الكريم أطرافه. أنى لإنسان أن يعرف منك هذا ثم لا يحبك أو لا يجلك؟ أنى لرجل مثلك يظل هدف المشركين بالنهار يبحثون عن قتله والإيقاع به وعندما يسدل الليل أطرافه على مكة يستأمنونه أغلى ما يملكون؟ لا يستأمنون عليها أزواجهم وأبناءهم. إنما يتسودعون هذا الرجل الذي يظلون يقاتلونه في النهار. أنت لهم في النهار عدو وفي الليل مصرفا أمينا ومستودعا لأغلى ما يملكون. طبت وطاب خلقك ورب الكعبة يا محمد. لن أزال أقول في نفسي ولأخواني : عندما نرتفع إلى خلق الوفاء فيستأمننا الخصوم والأعداء على أغلى ما يملكون حتى وهم يقاتلوننا بألسنتهم وأقلامهم بالنهار .. عندها فحسب لا حرج علينا أن نرقب أمل الفجر الباسم.أما قبلها فلا. قبل ذلك لا داعي لبث الفرح ولكن لبث الأمل. أوفى منك لم تلد النساء يا محمد .

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *