أم يوم أعطيت الكوثر؟ الكوثر بهذه الصيغة التفضيلية العظمى وليس بعدها لسانا من تفضيل. الكوثر مصدر الكثير ومعين الأكثر. الكوثر من كل شيء. أعطيت الكوثر في أقصر سورة. أعطيته جزاء وفضلا بما قدمت من صلاة لربك فحسب ومن نحر لربك كذلك فحسب. من كوثرك الفياض : أنت صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة فلا تجد البشرية جمعاء قاطبة شفيعا يتقدم لربه سبحانه أن يقضي بينهم فحسب إتقاء لرمضاء الحشر عداك. تذهب وتسجد وتظل ساجدا ضارعا حتى يؤذن لك : قم وأدع تجب وسل تعط يا محمد. تلهج بذكرك في الدنيا : اللهم أمتي أمتي. ألم يرضك في أمتك إذ قال : ولسوف ترضى. ألم تقل لك الأم العظيمة عائشة : كأن الله يسارع لك في هواك. من كوثرك : المقام المحمود ونلته فضلا على نافلة هي أشد وطئا وأقوم قيلا. كوثرك فياض معطاء لا ينضب. والله وحده أعلم بما في كوثرك يا محمد
أم يوم أعطيت ما لم يعط أحد قبلك ولا بعدك أي غفران ما تأخر من الذنب؟ أعطيت ذلك في هدية جامعة شملت الفتح والهداية والنصر. لا نعلم أن أحدا غفر له ما تأخر عداك يا محمد. غفران السابق مفهوم أما غفران اللاحق فلا حتى يأتي به الوعد الحق وقد أتى. هنيئا لك وهنيئا للإنسان بك. وهل تذنب أنت يا محمد حتى يغفر لك ذنب؟ أنت لا تذنب ولكن النظر هنا إلى الغافر المنان ولا يسأل الملك عن مملوكه ولا يسأل المعبود عن عبده. أنت لا تذنب ولكنها منة المنان ورحمة الرحمان حتى نعلم أن الغفلة عن ذكره طرفة عين ذنب
أم يوم سمّاك ربك : سراجا منيرا؟ علمنا أن الشمس سراج وهاج ثم علمنا أنك سراج منير. الشمس تبرغ على الأرض فتطرد الظلمة ويتسلل شعاعها إلى كل زاوية كانت في عسعسة الليل دهماء بهيمة. أنت هو الشمس التي تبرغ على الإنسان ـ كل إنسان وفي كل آن وأوان ـ فتطهره من أدران الظلم وتخلصه من سجن نفسه أوّلا ثم من سجن القهر بعد ذلك. أنت الشمس المنيرة والإنسان كوكب مظلم ـ كالقمر بالتمام والكمال ـ لا بد له من نور وإلا إحلولكت ظلمته. السراج يوفر الدفء وأنت توفر الدفء الروحي والأمن الفكري للبشرية جمعاء قاطبة .