أي أيامك أجمل يا محمد؟ ( 14 )

أم يوم علمتنا ثقافة الجمال وفقه الزينة؟

لكم أنا بك فخور يا محمد. وربك يا محمد. أجل. والله. فخور أن أكون من المؤمنين بنبي يجمع بين العبادة وبين الجمال. كيف ولا والعبادة هي الجمال. لكم أرثي لحال ملايين من المسلمين مازال التعارض في رؤوسهم بين الجمال وبين العبادة قائما. حالهم يرثى له والله. لم يبهرني شيء في خلقك يا محمد ما بهرني جمعك بين حق النفس في الجمال والزينة والمتعة وبين حق ربك عليك في السجود والركوع. هذا هو سنام الإسلام الذي إذا أدركه الغربيون والغربيات أسلموا وإذا تنكبوه ـ بسبب تأخرنا نحن عن تجلية ذلك ـ تنكبوا الخير كله وتنكبنا نحن معهم فضل الدعوة إلى دين باهر جميل يحض على الجمال ويجعله عبادة. فخور بك يا محمد حتى لأشعر أني أطأ الثريا بقدمي هاتين والله. أجمع بين فخري بك ورثائي المسلمين الذين يتقربون إلى الله بالقذارة والمظهر الرديء والفقر والترذل وبخس الجمال ودهس الزينة. ألم تعلمنا أنت نفسك يا محمد أن الله نفسه سبحانه جميل يحب الجمال؟ أسفي على المسلمين والله. ربهم يخبرهم أنه جميل وأنه يحب الجمال ثم تأتي عصابات منهم يركلون الجمال والزينة بأقدامهم القذرة بحسبان أن ذلك ملهاة شيطانية. أسفي على من لم يفهم هذا الدين حق الفهم .سيحيا شقيا فإذا صعد المنابر أشقى الناس بجهله. لم أجد عنوانا أنسب لهذا الدين يا محمد عدا أنه دين الجمال والزينة. كل ما فيه من تشريعات عقدية وعملية جمال ومحامد ومكارم وزينة وأنت رأس ذلك الجمال كله وأنت عنوان تلك الزينة كلها. ألم يقل فيك الشاعر : خلقت مبرأ من كل عيب كأنما خلقت كما تشاء؟ والحقيقة أنك لو خلقت كما تشاء لما خلقت مبرأ من كل عيب ولكن سبحان من صورك في أحسن صورة وقومك في أحسن تقويم مبنى ومعنى. ولكن للفن الشعري أحكامه

أم يوم علمتنا أن الطيب حبيبك؟

أنت طيب تحب الطيب يا من طينتك الطيب. علمتنا أن الطيب حبيبك والنساء. علمتنا مرة أخرى أن الدين الذي جئت به ممزوج بالجمال والزينة. لا دين إلا وهو ممشوج بالطيب. ألم تقل لنا يا أطيب الطيب : حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة. هل تذكر يا محمد أولئك النفر الثلاثة من الشباب الذين جاؤوا إلى حجراتك فلما أخبروا بعبادتك تقالوها ـ أي وجدوها قليلة ـ فعربدوا قائلين أننا نصوم ولا نفطر ونقوم ولا ننام ولا نتزوج النساء. أتذكر يا محمد أنك خرجت إليهم غاضبا فلقنتهم درسا لا ينسى إذ قلت : أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. أولئك النفر من الشباب يا محمد لهم اليوم فينا فروع نكدة. فروع نكدة ولا محمد لها. بعضنا يخشى أن يواجههم بمثل قالتك وبعضهم لا يوافقك أصلا على قالتك حتى يواجه بها وبعضهم لا يعنيه أمر هذا الدين ودعوته هل يستقيم على ما تركته عليه أم ينحرف. وظلت طائفة قليلة العدد من العدول الراوحل الذين تبحث عنهم يواجهون الأمرّين : أمرّ مثل هؤلاء الذين يحرفون في غلو وأمرّ أولئك الذين ينعتون الإسلام بأنه دين العجرفة والقذارة والتأخر فلا حظ له في عالم الجمال ودنيا الزينة. ورثنا يا محمد أئمة ومنسوبين إلى الدين لا يجرؤون على تلاوة حديثك هذا بحضرة العامة أي الذي تجمع فيه بين الصلاة قرة عين وبين لذة النساء ومتعة الطيب. أجل. والله. يخافون على مراكزهم وأماكنهم وسمعتهم. يخافون الناس ولا يخافون الله. جعلوا من المنابر ” أغنية لكل مستمع ” أي يحدثون كل قوم بما يشتهون. لم أجد أحلى ما في هذا الدين من جمعه بين حق الله في الصلاة سجودا وتبتلا وخضوعا وخنوعا وركوعا ومسكنة وبين حق النفس في الطيب والنساء. تلك هي وسطية الإسلام وذلك هو إعتداله وذاك هو توازنه

أم يوم علمتنا أن الأحق بالآذان أندانا صوتا؟

أجل. وذلك لما قلت للصحابة أن بلالا أنداكم صوتا ولذا أخترته للآذان. الآذان وسيلة دعاية للصلاة وترويج للدين ولذلك لا بد للتاجر بالدين أن يكون بمثل البضاعة نفسها. ذاته من ذاتها. أي ندي الصوت إذا أذن وقرأ وجميل الثوب إذا تحدث وعرض وتشع منه الزينة إذ جبلت النفس على حب الإحسان والجمال إحسان والزينة إحسان والصوت الندي إحسان وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ألم نشهد اليوم مئات من الغربيين إنما أسلموا لما سمعوا صوت الآذان في بعض البلاد الإسلامية يشق الصمت المطبق في غلس الفجر بصوت ندي مطرب؟ لا أجد وظيفة للآذان عدا أنه وسيلة إعلامية وأسلوب دعوي وطريقة جميلة للفت الأنظار لعل الناس من ذوي الأصوات الموسيقية الصافية والفطر النظيفة ينجذبون إلى هذا الدين بصوت ندي ناعم يوقظ الزينة في الجبلات. فإذا أذن صاحب صوت رديء فإن رسالتنا إلى أنفسنا وإلى الناس أن هذا الدين هو دين الرداءة. ذلك هو ما يجعلني أفهم قوله سبحانه : هل أدلكم على تجارة ؟ هل أدلكم على دين وعبادة؟ لا. هي تجارة. الدين تجارة وخير التجار التاجر بالدين ولكن دون أن يكون بالدنيا جاهلا فإن كان بها جاهلا فلا خير في تجارته بالدين. ألم تقل لنا يا محمد : زينوا أصواتكم بالقرآن؟ ألم تكن أنت نفسك تطرب لتلاوة أبي موسى الأشعري وتقول له : لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود؟ مزمار؟ مزمار يا محمد في تلاوة القرآن؟ أجل. والحمد الله أنك أنت قلتها ولو قالها غيرك لقامت الدنيا ولم تقعد. ولكن لقولك حرمة حتى عند أسلال أولئك النفر من الشباب الذين لم يفهموا جمعك بين النساء وبين الصلاة وبين الطيب وبين العبادة. ألم تعلمنا يا محمد فن الجمال إذ لما دخل المسجد رجل ثائر الشعر قلت لأصحابك مروه بأن يصلح شعره؟

شاهد أيضاً

قصة يونس عليه السلام

هو يونس إبن متى عليه السلام أحد الأنبياء المرسلين المذكورين في القرآن الكريم وحملت سورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *