أم يوم علمتنا كيف نكون خدما في بيوتنا لا فحولا منتفشة يا محمد؟
أخبرنا عنك الصحابة أنك كنت تخصف نعلك بيدك وأنك كنت في حاجة أهلك فلا تعيب طعاما قط فإما راق لك فأكلته وإما لم يرق لك فتركته. أنت عنوان الرحمة بالمرأة يا محمد. ألم يخبرنا عنك ربك نفسه سبحانه إذ كنت تشتري ودّهن حتى لو أدى ذلك إلى تحريم شيء مباح على نفسك؟ أليس ذلك هو مناسبة سورة التحريم؟ ألم تأكل عند إحداهن شيئا فلما ثارت الغيرة عند عائشة وحفصة فتظاهرتا أنك أكلت شيئا كريه الريح قلت لهما : لن أعود. هناك عاتبك ربك سبحانه وإستخدم كلمة التحريم نفسها في إشارة إلى أن منع المباح عن نفسك إرضاء لهما مبالغة لا يرضاها سبحانه. „ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك”. أجل. أخبرنا عنك ربك سبحانه أنك تبتغي مرضاتهن حتى بتحريم ما أباحه الله لك. المهم هو أن يبتن سعيدات. ليس هناك زوج مثلك يا محمد إكراما للمرأة ورب الكعبة ولكن لا يعلم هذا لا المسلمون ولا غير المسلمين ويا للأسف الشديد. المسلمون مع المرأة عرب وليسوا مسلمين إلا قليلا وغيرهم يسوقهم الإعلام الجائر وضاعت الحقيقة بين تشددين كالعادة دوما. حتى عندما تدفق الخير على المدينة وطالبنك بالنفقة ما نبست ببنت شفة واحدة بل ظللت تفكر في الأمر مهموما إذ تريد لنفسك ولهن خير الآخرة بترك طيبات الدنيا ولكن الأمر ليس بيدك فظللت واجما. حتى جاء الوحي إليهن يخيرهن بين الله ورسوله والدار الآخرة والصبر على شظف عيش وبين تسريح بإحسان. الأصل أن يكون مثل هذا ـ أي إتجاهه العام وليس هو بعينه ـ هو سلوك كل مسؤول في المجتمع وفي الدولة من بعدك يا محمد. لنا اليوم في كل بلد سيدته الأولى التي ترفل في الحرير والذهب وتركل النعمة بقدميها والطائرات الخاصة تروح بها وتغدو بين حدائق اللهو والمتعة شرقا وغربا. علمتنا يا محمد أن سيداتنا الأوّل ـ وليس لنا عداهن سيدات ـ إنما هن أولئك الذين رضوا بشظف العيش معك والخير يتدفق على المدينة. سيداتنا أولئك اللاتي رضين بشيء من الجوع إيثارا للمسلمين في الدنيا ولنعيم الآخرة في الآخرة. ألم تشهد فيك زوجاتك بالخير كله إذ قالت الأولى وأنت تخطو خطواتك الأولى على أعتاب النبوة تشد إزرك : كلا والله يا إبن العم لن يخزيك الله أبدا إذ كنت تقرئ الضيف وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق وتطعم المسكين وتمسح على رأس اليتيم. لم تقل لك : كيف يخزيك ربك وأنت عنوان صلاة وسجود وركوع أو طواف أو صيام. لا . لأن ذلك لم يفرض بعد. لك رأسمال قيمي أخلاقي قبل ذلك هو الذي جعلك تقوم وتصوم وتعبد وهو الرصيد القيمي الأخلاقي وهو رصيد ما قبل النبوة . ذلك الرصيد الذي شهد به المشركون لك قبل أن تبعث إليهم نبيا إذ كنت تنادى بينهم بالصادق الأمين. ولما خلعت عليك العرب شهادة الصدق والأمانة فقد إستأهلت النبوة. عندما نريد نحن اليوم أن نشيد برجل نقول : قوام صوام وحجاج وغير ذلك. لم لا نقول : صادق أمين يعين على نوائب الحق ويكرم اليتيم ويقرئ الضيف ؟ لأن الأخلاق لم يعد لها مكان عندنا. الزوج الأخرى التي شهدت لك بالخير هي عائشة إذ لما سئلت عن خلقك ألهمها الله كلمة واحدة أغنت بها فأوفت وأجزلت وكأنها مثلك أوتيت جوامع الكلم ـ كيف لا وهي بنت صديق وزوج نبي ـ إذ قالت : كان خلقه القرآن
علمتنا يا محمد أن يكون خلق الزوج في بيته هو خلق القرآن
كنت تلهو مع عائشة بحصانها ذي الجناحين وفي رأسك هموم الدنيا كلها. ما شغلك ذاك عن هذا. كنت تسابقها عدوا فتغلبك مرة وتغلبها مرة أخرى. كنت تتفهم غضبها إذ تقول لك : ما هجرت عدا إسمك وهي تقسم بقسم ليس فيه إسمك من مثل ورب محمد. كم من مرة دخلت بيتك والجوع يعضك بنابه الغليظ فتسأل هل في البيت ما يؤكل فتجاب بلا فتقول إذن أنا صائم. التافهون اليوم يقصر نظرهم ويحبرون صفحات وكلاما طويلا عريضا حول حكم الصوم بعقد نية والشمس في كبد السماء. هم تافهون لم يتعلموا من سنتك عدا هذا. أولى بهم أن يتعلموا شظفك وزهدك وخلقك القرآني مع زوجك في بيتك. كثير من أمثال هؤلاء التافهين يزبدون فوق المنابر بخلافات فقهية لا أول لها ولا آخر فإذا كانوا في بيوتهم ثارت الثائرات وأقسموا بالطلاق وبأغلظ الأيمان أن الزوج طالق والسبب ليس أنهم لم يجدوا ما يأكلون ولكن السبب هو أن ما وجدوه لم يكن يروق لهم
هذه قالتي التي لأجلها لاقيت الذي لاقيت
أصدق بطاقة عدد 3 وأوفى شهادة في السيرة إنما يستخرجها الرجل من بيته فإن شهدت له زوجه بالخير فهو كذلك وإن شهدت عليه بالشر فهو كذلك. صحيح أن هناك إستثناءات ولكنها قليلة. إستثناء يؤكد القاعدة ولا يلغيها ولكن الفحول لا تحب هذا لأن الأسوة عندهم في البيت هو الأب والجد وليس محمد عليه الصلاة والسلام .